المزاح

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
علاج سوء الخلقتنویه

لقد ورد فی الروایات الإسلامیة وکذلک کلمات علماء الأخلاق بحوث واسعة عن (المزاح) حیث یتوصّل الإنسان من خلال مطالعتها ودراستها إلى هذه النتیجة، وهی أن المزاح إذا کان فی حدّ الاعتدال ولم یکن ملوّثاً بالإثم والمعصیة فإنّه لیس فقط غیر قبیح، بل یمکن اعتباره من مصادیق حسن الخلق والأخلاق الفاضلة وحسن المعاشرة مع الناس، ولا شک أن الافراط فی ذلک إمّا أن یوقع الإنسان فی المعصیة والإثم یتحول إلى أحد الرذائل الأخلاقیة، وأحیاناً یکون خطره أکثر من خطره فی الکلام إذا کان من موقع الجد، لأنّ فی المزاح نوع من الحریة لا توجد فی الکلام الجدّی والذی ینطلق من موقع المسؤولیة.

ویستفاد من سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والأئمّة المعصومین(علیهم السلام) وعلماء الدین أنّهم کانوا یمارسون المزاح بشکل معتدل فی معاشرتهم مع الناس.

وبهذه الإشارة نستعرض بعض الروایات التی تقرر حسن المزاح بصورة عامّة، ثم نستعرض الروایات التی تذم المزاح، ثم نذکر طریق الجمع بین هاتین الطائفتین من الروایات الشریفة:

1 ـ ما ورد فی الحدیث عن الإمام علی(علیه السلام) أنّه قال: «کَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله) لَیَسُرُّ الرَّجُلَ مِنْ أَصحـابِهِ إِذا رَآهُ مَغمُوماً بِالمُدَاعَبَةِ»(1).

أجل فإنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان یستخدم المزاح لتحقیق الأغراض الإنسانیة وادخال السرور على القلوب المهمومة والنفوس الکئیبة.

2 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) حیث قال لأحد أصحابه: «کَیفَ مُداعَبَةِ بَعضُکُم بَعضاً».

قلت: قلیل.

فقال الإمام(علیه السلام): «أَفَلا تَفعَلُوا فإنّ المُداعَبَةَ مِنْ حُسنُ الخُلقِ وَإنَّک لَتُدخلُ بِها السُّرورَ

عَلى أَخِیکَ وَلَقَد کَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله) یُداعِبُ الرَّجُلَ یُریدُ أَن یَسُرَّهُ»(2).

3 ـ وفی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) أیضاً أنّه قال: «مـا مِنْ مُؤمُن إلاّ وَفَیهِ دُعـابَةٌ، قلت: وَمـا الدُّعابَةُ؟ قال: المِزاح»(3).

ویستفاد من هذا التعبیر أن المؤمن لا ینبغی أن یکون جافّاً، بل إنّ أغصان حسن الخلق هو المزاح وطبعاً مقرون بالتقوى.

4 ـ ویستفاد من الروایات الشریفة أنّ المعصومین(علیهم السلام) أحیاناً کانوا یتحرّکون لحث الآخرین للتمازح فی مجلسهم لیتمّ بذلک إدخال السرور على قلوب المؤمنین، ففی کتاب الکافی للمرحوم (الکلینی(قدس سره)) نقرأ حدیثاً شریفاً یرویه عن معمر بن خلاّد قال: سألت أبا الحسن(علیه السلام) قلت: جعلت فداک الرجل یکون مع القوم فیجری بینهم کلام یمزحون ویضحکون؟

فقال(علیه السلام): «لا بأسَ مـا لَم یَکُن، فَظَننتُ أَنّه عنى الفحش، ثُمَّ قال: إنّ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله)کانَ یَأتِیهِ الأعرابِی فَیَهدِی لَهُ الهدیَّةَ ثُمَّ یَقُولُ مکانَهُ: أَعطِنـا ثَمَنَ هَدیتِنـا فَیضحَکُ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله) وَکَانَ إِذا اغتَمَّ یَقُولُ: مـا فَعَلَ الأَعرابی لَیتَهُ أتـانـا»(4)

5 ـ وقد ورد فی الأحادیث الشریفة نماذج من موارد مزاح النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)مع أصحابه منها ما ورد عن امرأة تدعى (اُم أیمن) جاءت إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله)فقالت: إنّ زوجی یدعوک، فقال: ومن هو أهو الذی بعینه بیاض، فقالت: والله ما بعینه بیاض، فقال: بلى أنّ بعینه بیاضاً، فقالت: لا والله.

فقال(صلى الله علیه وآله): ما أحد إلاّ وبعینه بیاض(5).

وفی مقابل هذه الأحادیث هناک أحادیث کثیرة تنهى عن المزاح منها:

1 ـ فی الحدیث الوارد عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إِیّاکُم وَالمَزاحَ فَإنَّهُ یَذهَبُ بِمـاء الوَجهِ وَمَهـابَةِ الرِّجـالِ»(6).

 2 ـ وأیضاً فی حدیث آخر عن هذا الإمام أنّه قال: «إِذا أَحبَبتَ رَجُلاً فَلا تُمـازِحهُ وَلا تُمـارِهِ»(7).

3 ـ وفی حدیث شریف عن الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «إِیّاکُم وَالمَزاحَ فَإنَّهُ یَجُرُّ السَّخِیمَةَ وَیُورِثُ الضَّغِینَةَ وَهُو السَّبُّ الأصغَرُ»(8).

4 ـ وفی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «لا تُمـازِح فَیُجتَرَءُ عَلَیکَ»(9).

* * *

وعلى هذا الأساس یمکن القول أنّ المزاح یبعث على الذهاب بوقار الإنسان والحط من شخصیّته أمام الناس ویسبب العداوة والبغضاء بینهم ویوجب تجرّؤ الجهّال ویعرّض شخصیة الإنسان إلى المهانة والضعف والاهتزاز.

ومن خلال مطالعة التعبیرات الواردة فی روایات الطائفة الاُولى المادحة للمزاح وروایات الطائفة الثانیة الناهیة عنه یمکن معرفة السبل إلى الجمع بین هاتین الطائفتین، وتوضیح ذلک أنّ المزاح أمر معقّد وأحیاناً یتّسم بأنّه أشدّ من حالة الجدیة فی الکلام وبعبارة اُخرى أنّ المزاح أمر رقیق جدّاً بحیث أنّه إذا خرج قلیلاً عن حدّ المقرّر، فإنّ له آثار مخرّبة مدمّرة.

إذا کان المزاح فی الأطار المقبول ولم یخرج عن حدّ الاعتدال وکان لغرض رفع السأم والتعب والحزن عنهم مع رعایة الجهات الشرعیة فإنّه یقع مطلوباً ومورد رضا الله تعالى.

ولکن إذا کان المزاح لغرض الانتقام والسخریة بالطرف الآخر وبدافع الحقد والکراهیة وخاصة إذا کان بلباس الجدّیة فإنّه لا یحقق الاُمور المذکورة فحسب، بل إنّ البعض قد یهدف إلى أغراض شیطانیة من خلال المزاح فلا شک فی أنّه یقع مبغوضاً ومنفوراً وأحیانا ً یکون أشدّ من السب والشتم.

وکذلک إذا استخدمت فی المزاح کلمات واهنة ومبتذلة فلا شک أنّها تتسبب فی هتک حرمة الإنسان وإزهاق شخصیته.

وهکذا إذا کان المزاح أمام أشخاص لیست لهم قابلیة على تقبّله أو لا یحفظون حریم شخصیّة الإنسان ممّا یؤدّی إلى جرأتهم وتطاولهم على الکبیر فیقولون من موقع المزاح ما یوهن شخصیته ویطعن فی احترامه.

ومثل هذه الانحاء من المزاح لیست فقط غیر مطلوبة بل أحیاناً تقع فی دائرة الذنوب الکبیرة أیضاً.

فعلى السالکین طریق الحق والذین یتحرّکون فی تهذیب النفس وتزکیتها یجب علیهم الانتباه فلا یشطبون على المزاح تماماً ویحذفونه من حیاتهم ویتحوّلوا إلى أشخاص جامدین ویعیشون الجفاف الروحی والعواطف البشریة واللطافة والمحبّة مع الآخرین، ولا یتورّطون مقابل ذلک فی الذنوب أو الأعمال المنافیة للمروءة عند ممارسة المزاح، فکثیراً ما رأینا بعض الأشخاص المتدینین حسب الظاهر عندما یتحدّثون فی مجالسهم ویتمازحون مع الآخرین یطلقون ألسنتهم بالحکایات المبتذلة التی یشمّ منها رائحة الغیبة أحیاناً أو التهمة أو إشاعة الفحشاء أو یتسبب کلامهم فی إهانة بعض المسلمین وجرح کرامتهم.

وحتى لو کان المزاح یخلو من أی مطلب منافی للشرع، فإنّ الإکثار منه یسّبب آثار سلبیة وکما یقول بعض العلماء (المَزاحُ فِی الکلامِ کَالمِلحِ فِی الطَّعامِ)، فلو کان أکثر من اللازم أو أقل منه لما کان الطعام سائغاً وطیّباً.

ومضافاً إلى ذلک فإنّ من یکثر من المزاح فانّ کلامه الجدّی سوف یکون بدون قیمة، ولا یقبل الناس کلامه الجدّی کما یرام، وهذا المضمون ورد فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین قال: «مَن کَثُرَ هَزَلُهُ بَطَلَ جِدُّهُ»(10).

والملاحظة الجدیرة بالذکر أنّ المزاح أحیاناً یهدف إلى أغراض معقولة ومهمّة، فلو کانت هذه الأهداف الجدیّة تدخل فی المسائل التربویة والبنّاءة لکان مفیداً جدّاً، مثلاً أن یسعى الشخص لافهام الطرف الآخر من خلال المزاح أن یواظب على المسائل الدینیة والقیم الأخلاقیة، فمثل هذا العمل مفید جدّاً، ولکن لو کان الهدف الجدّی المتضمّن للمزاح یؤدّی إلى مفسدة أو کان لغرض الانتقام وتخریب شخصیة الآخرین، فإنّ ذلک المزاح یکون مبغوضاً ومذموماً جدّاً وذلک بأن یقوم الإنسان بهتک حرمة الأشخاص فی لباس المزاح ویهدم شخصیّتهم ویعمل على تسقیطهم بهذه الوسیلة.

 


1. مستدرک الوسائل، ج8، ص408.
2. اصول الکافی، ج2، ص663، ح3.
3. المصدر السابق، ح2.
4. المصدر السابق، ح1
5. تنبیه الخواطر، ج1، ص112.
6. اصول الکافی، ج2، ص665، ح16.
7. المصدر السابق، ص664، ح9.
8. المصدر السابق، ص664، 12.
9. المصدر السابق، ص665، ح18.
10. غرر الحکم.

 

 

 

علاج سوء الخلقتنویه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma