إنّ ما أوردنا فی الروایات أعلاه وروایات اُخرى کثیرة لم نذکرها حرصاً على الایجاز وعدم الأطالة هو شاهد على أنّ سوء الخلق یعتبر أحد أسوأ الصفات النفسیة والأخلاقیة فی واقع الإنسان وسلوکه الاجتماعی حیث یترتب علیها نتائج وخیمة فی حرکة الإنسان والمجتمع ویفضی إلى تدمیر اُفق الحیاة السعیدة ویبدّل عناصر الخیر والسعادة فی حیاة الإنسان إلى الشر والشقاء.
وعلى هذا فإنّ الأشخاص الذین یعیشون هذه الرذیلة الأخلاقیة یجب علیهم علاج أنفسهم بأسرع ما یمکن، والاستفادة من کلمات ونصائح علماء الأخلاق فی هذا المجال ومنها قولهم:
إنّ من یبتلى بهذه الصفة الرذیلة یجب علیه أن یفکّر ویتدبّر فی عواقبها الوخیمة فی کل یوم ویقرأ باستمرار الروایات التی تتحدّث عن آثارها السلبیة فی الدنیا والآخرة کما تقدمت الإشارة إلیها، ویشاهد ما یجری فی حیاة المبتلین بهذا المرض وکیف أنّ الناس تنفر منهم وتبتعد عنهم وبذلک یعیشون حالة الوحشة والصعوبة فی مقابل تحدّیات الواقع فلا یشارکهم أو یواسیهم أحد من الناس فیما یصیبهم من بأساء وضرّاء فی حرکة الحیاة، والخلاصة أنّه یتّعظ من حیاة هؤلاء الذین یعیشون العزلة على الله والخلق.
وما یجدر ذکره هو أنّه ینبغی لغرض قلع جذور الصفات الأخلاقیة القبیحة من واقع الإنسان وروحه أن یتحرّک الإنسان على مستوى التمرّن وممارسة الریاضة المعنویة والاصرار فی سلوک هذا الطریق وإن کان بواسطة التصنّع لیکون حسن الخلق له بصورة عادة وملکة، وفیما إذا وجد فی نفسه عناصر وعوامل نفسیة تبعث على سوء الخلق فانّه یتحرّک فوراً لازالتها وتطهیر نفسه منها وذلک من خلال ممارسة الصلاة والعبادة وزیارة المراقد المقدّسة أو یتحرّک من موقع الترفیه السلیم والألعاب المسلّیة المشروعة لیدرأ هذا المرض وهذه العوامل السلبیة من کیانه وشخصیته.
وکذلک یتحرّک الإنسان فی طریق تهدید نفسه من خلال التلقین، وذلک بالایحاء إلى نفسه بأنّه صاحب خلق حسن ویتّصف بحسن التعامل والطیبة واللطف مع الآخرین، فمن شأن هذا التلقین أن یؤثّر أثره بالتدریج فیغرس فی قلبه نبتة حسن الخلق ویعمل على تقویتها وتعمیقها وإزالة عناصر الشر وعوامل سوء الخلق من ذاته.
وأحیاناً یتحقّق سوء الخلق فی النفس بسبب الجوع والعطش أو بعض الأمراض البدنیة حیث ینبغی على هذا الإنسان أن یعالج هذه المسألة من الأساس والجذور ویحاول الابتعاد عن الناس والتعامل معهم فی هذه الحالة الاستثنائیة مهما أمکن.
وأحیاناً تنقل هذه الرذیلة الأخلاقیة الإنسان من رفاقه وأصدقائه من الأراذل والأخلاء السیّىء الخلق، فینبغی علیه أن یقطع أواصر الصداقة مع هؤلاء ویحاول الإرتباط من موقع الصداقة والمودّة مع من هم أهل لذلک ویعیشون الفضیلة وحسن الخلق مع الناس، وهکذا فإنّ أسوأ الناس أخلاقاً إذا تحرّک فی اصلاح نفسه فی علاج مرضه الأخلاقی من خلال ممارسة هذه التعلیمات المذکورة آنفاً وعزم على تحقیق هذه الملکات الأخلاقیة فی نفسه بإرادة قویّة وسعى لإصلاح نفسه بتصمیم راسخ فإنّه سوف یحصل على النتائج المرجوّة حتماً.
