نحن نعلم أنّ احدى أشکال الحدیث، هو فعل وتقریر المعصوم، وکما أنّ قوله یوضّح ویبیّن لنا معالم الدین ومعارفه، فکذلک بعمله وسکوته فی المواقع والمواضع التربویة المختلفة، سیرسم لنا معالم الطریق الصحیح للأحکام والمعارف والأخلاق خصوصاً فی مجال الشکر، والأمثلة علیه کثیرة:
1 ـ قال الإمام الباقر(علیه السلام): «کَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله) عِندَ عـائِشة لَیلَتها فَقـالَتْ: یـا رَسُولَ اللهِ لِمَ تَتعَب نَفسَکَ وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَکَ مـا تَقَدمَ مِنْ ذَنبِکَ وَمـا تأَخرَ؟ فَقَالَ: یـا عـائِشة أَلا أَکُونَ عَبدَاً شَکُوراً؟»(1).
ومنه یتبیّن أن الدافع لعبادة الأولیاء هو الشکر، ونقلت هذه الجملة کثیراً عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی أحادیثه المختلفة، وهی «أَفلا أَکُنْ عَبدَاً شَکُوراً» .
2 ـ فی حدیث عن هشام بن الأحمر أنّه قال: «کُنتُ أَسِیرُ مَعَ أَبی الحَسن(علیه السلام)(الکاظم) فِی بَعضِ أَطرافِ المَدِینةِ إذ ثَنّى رِجلَهُ عَن دابَّتِهِ فَخَرَّ ساجِداً، فَأَطـالَ وَطـالَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَرَکَبَ دابَّتَهُ فَقُلتُ: جُعلتُ فداک قَد أَطلتَ السُّجُودَ؟ فَقالَ: «إنّنی ذَکَرتُ نِعمَةً أَنعَمَ اللهُ بِها عَلَیّ فأَحبَبتُ أَنْ أَشکُرَ رَبِّی»(2)
ویعلم من هذه الروایة أنّ الأئمّة(علیهم السلام)، کانوا ملتزمین بأداء الشکر لکل نعمة، وکانوا یوصون مریدیهم ومحبّیهم بذلک أیضاً، حیث جاء فی الحدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إِذا ذَکَرَ أَحَدُکُم نِعمَةَ اللهِ عَزَّوجَلَّ فَلیَضَع خَدَّهُ عَلى التُّرابِ شُکراً للهِ، فَإِنْ کانَ راکِباً فَلیَنزِل فَلیَضَعَ خَدَّهُ عَلَى التُّرابِ، وإِنْ لَم یَکُن یَقدَرُ عَلَى النُّزُولِ للشُّهرَةِ فَلیَضَع خَدَّهُ عَلى قَربُوسِه، وإن لَم یَقدر فَلیَضَع خَدَّهُ عَلى کَفِّهِ ثُمَّ لِیحمِدَ اللهَ عَلى مـا أَنعَم عَلیهِ»(3).
3 ـ فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال لأحد أصحابه واسمه أبو بصیر: «إِنَّ الرَّجُلَ مِنکُم لَیشرَبَ الشِّربَةَ مِنَ الماءِ فَیُوجِبُ اللهُ لَهُ بِها الجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ لَیأَخُذ الإِنـاءَ فَیَضَعهُ عَلى فِیهِ فَیُسمِّی ثُمَّ یَشرَبُ فَیُنَحِّیهِ وهُوَ یَشتَهیهِ، فَیَحمدُ اللهَ، ثُمَّ یَعُودُ فَیَشرَب، ثُمَّ َیُنَحِّیهِ فَیحمُدُ اللهَ، ثُمَّ یَعُودُ فَیَشرَب، ثُمَّ َیُنَحِّیهِ فَیَحمُدُ الله، فَیُوجِبُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ لَهُ بِها الجَنَّةَ»(4).