دوافع وعواقب اللجاج والمماراة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
تفسیر واستنتاجالفرق بین الإستقامة واللجاج

من المعلوم أنّ هذه الصفة الأخلاقیة هی من أخلاق الصبیّان، ولکنها قبل کل شیء تنشأ من الجهل وقصر النظر، فذوا العقول یتحرّکون فی حرکة الواقع من خلال التدبّر والتفکر الذی ینطلق من موقع المنطق والدلیل، فإذا ما ثبت لهم بالبرهان المنطقی، أنّ أمراً ما لا یتوافق مع الحقیقة فسرعان ما یترکونه ویقلعون عنه رغم اعتقادهم به لسنوات متمادیة.

ولکن الأفراد الجهّال والقصیری النظر لا یقلعون عن شیء یعتقدون به ویمثل لدیهم مفردة على مستوى المعتقد والدین، ولا یفید معهم الدلیل ولا المنطق.

ومن الأسباب الاُخرى لتکریس حالة اللجاج والعناد هو مواجهة الشخص الذی ارتکب مخالفة معینة باللّوم المفرط والتقریع الزائد عن الحدّ وأمام الملأ العام، فانّ ذلک من شأنه أن یدفعه نحو الاصرار والعناد لإثبات أنّه لیس على خطأ ویتحرّک فی مواجهة الآخرین من خلال التمسک برأیه، وبالتدریج یعتقد أنّه على صواب ویبقى على ما هو علیه، والعکس صحیح فإذا ما عومل بلطف ولین ومحبّة فسیرتدع ویعود إلى رشده.

ولذلک نقرأ فی حدیث عن أمیر المؤمنین(علیه السلام): «الإِفراطُ فِی المَلامَةِ یَشُّبُ نِیرانُ اللَّجـاجَةِ»(1).

العامل الثالث لظهور هذه الصفة: هو احساس الإنسان بالحقارة والدونیة، فعقدة الحقارة تمنع الأفراد من الاستماع والإنصیاع للآخرین توکیداً لشخصیتهم، فلا یقبلون الکلام المنطقی ویصرّون على سلوکهم وعملهم الباطل.

أما الأفراد الذین لا یعیشون هذه العقدة ویمتازون بشخصیة قویة، فلا حاجة لهم إلى هذا السلوک الباطل وسرعان ما یسلّمون للبرهان والمنطق السلیم ولا یجدون فی أنفسهم حاجة للاصرار على أفعالهم الخاطئة.

ضعف الإرادة واهتزاز الشخصیة یمکن اعتباره عامل رابع للّجاج، ومن البدیهی أنّ إقلاع الشخص من عادة تعودها لمدّة طویلة لیس بالأمر السهل، والإعتراف بالخطأ لیس بالأمر الهیّن أیضاً، ویحتاج إلى قوة الإرادة والشجاعة، والأشخاص الذین یعیشون الحرمان من تلک الفضیلتین سیجدون فی أنفسهم دوافع لا شعوریة لسلوک طریق العناد واللجاج.

«حبّ الراحة» یمکن أن یکون العامل الخامس، لأن ترک المسیر الذی سار علیه الإنسان ولمدّة طویلة لیس بالأمر السهل، وخصوصاً لدى الشخص المنعّم والمحبّ للراحة. ومن الیقین أنّ التحرک على خلاف حالة الاسترخاء الفکری والکسل النفسی لا یلائم مذاقهم.

فهذه من العوامل التی یمکن الإشارة إلیها فی دائرة اللجاج والمماراة.

وأمّا آثارها السلبیّة فلیست خافیةً على أحد، فهی تورط الإنسان فی مشاکل بعیدة
عنه کل البعد، کما تورط بنو اسرائیل بالبقرة من خلال البحث عن التفاصیل الدقیقة فی دائرة الطاعة وامتثال الأمر، وما ترتب من صعوبة البحث عنها وثمنها الباهض، فقد جاء فی الحدیث أنّهم جمعوا أموالهم کلها لشرائها، وبعدها جاؤوا لموسى (علیه السلام) یبکون ویشتکون بأننا قد أفلسنا وافتقرت قبیلتنا وأصبحنا نستعطی من الناس بسبب العناد، فَرَقَّ لهم النبی موسى(علیه السلام)وعلّمهم دعاءً یعینهم على مشاکلهم(2).

ومن افرازات هذه الرذیلة ومردوداتها السلبیة على النفس هو الحرمان من فهم الحقائق التی تتولى تهیئة الأرضیة لتکامل الإنسان، لأنّ اللجاج لا یعطی الفرصة للإنسان لإصلاح الخطأ والإذعان للحقائق، وعلى أثرها لا یستطیع التقدم والرقی فی درجات الکمال.

والأثر الثالث لهذا الخلق الردیء، هو العزلة الاجتماعیة وابتعاد الناس عن الشخص الذی یعیش حالة العناد، فالناس عموماً لا یحبّون اللجوج وینفرون منه، ولیس لدیهم استعداد للتعاون معه والدخول معه فی أجواء حقیقیة من التکافل الاجتماعی، لأنّ التعاون الاجتماعی یحتاج للمرونة والسماحة وغض النظر، وهی أمور لا تتوفر فی اللجوج.

وفوق هذا وذاک فمثل هؤلاء الأشخاص المغرورین ینعتون بالجهل وخفّة العقل فی المجتمع، ونفس سوء السمعة هذهِ یکون سبباً فی عزلتهم وانزوائهم، کما هو معروف فی حدیث دعائم الکفر عن الإمام علی(علیه السلام) حیث قال: «وَمَنْ نـازَعَ فِی الرَّأی وَخـاصَمَ شَهُرَ بِالمَثلِ (بالفشل) مِنْ طُولَ اللِّجـاجِ»(3).

وخلاصة القول أنّ اللجاج والمماراة یبعد الإنسان عن الله والناس، بل حتى عن نفسه، ولن تصبح للإنسان مکانةً بین الناس إلاّ بترک هذا الخلق السیّء.

 

 


1. بحار الانوار، ج 74، ص 212.
2. بحار الانوار، ج 13، ص 272.
3. بحار الانوار، ج 69، ص 119.

 

تفسیر واستنتاجالفرق بین الإستقامة واللجاج
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma