إنّ التشبث بالحیل الشرعیة یؤدّی إلى القضاء على القیم الإسلامیة وإنّ عیب مثلِ هذه الأعمال یکمن فی عدم محدودیتها فی مجالات تطبیقها، وإنّما تنتقل إلى سائر التعالیم والأحکام أیضاً کالأمراض المعدیة، وبالتالی فانّها تسبب تعوّد الناس شیئاً فشیئاً على إرتکاب أکبر الذنوب بتغییر طفیف فی الأسماء والعناوین لینتهکوا حرمة الأحکام الإلهیة فلا یدعون واحدة من القیم الإسلامیة دون تلویث، ویجرّون الجمیع نحو الفوضى بدوافع واهیة.
إن هذا التفسیر للاحکام الإسلامیة الذی یمکنه تبدیل حالة الحرب مع الله ومع خلقه إلى صلح وسلام یضم حبّة قند أو شیء من هذا القبیل واکتساب الملایین بهذه الطریقة واعتبارها أسلوباً حلالا کحلیب الأم، أنّ هذا التفسیر یبعث على تصور أنّ الشیء المهم هو المیول والأهواء والمصالح والباقی یمکن حلّه بنحو من الأنحاء.
و هذا الأسلوب من التعامل مع القضایا الإسلامیة یؤدّی إلى القضاء على أصالتها ویفرغها من روحها، ثم یحیلها طیناً اصطناعیاً یقولبه کیفما شاء.
و لقد رأینا فی البحث السابق أنّ ما یقوله فقهاء المسلمین یبتعد فراسخ عدیدة عن هذه الأعمال وهو یتعلق بأشیاء أخرى ومجالات أخرى.
إنّ اتخاذ مثل هذا الموقف تجاه المسائل الاجتماعیة الحادة یذکّر الإنسان بتلک القصة التی ذکرناها سابقاً، وهی قصة أحد وعّاظ السلاطین الذی قال له سلطان زمانه: لقد أردتُ معرفة رأی الشرع المقدس فی المسألة الفلانیة کی أنظم الخطط التی أرید تنفیذها بالتنسیق مع هذا الرأی، فکان جواب هذا الواعظ «جُعلتُ فداک! إنّ رأی الشرع المقدس واسع، والأمر متعلق بالإرادة الملکیة».
