الفرار من الربا أم الحیلة الشرعیة   

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الخطوط الاساسیة للاقتصاد الإسلامیة
توبة المرابی! هذه الحیل الشرعیة لا تنطلی على أحد   

«لیس لدینا دلیل فی الفقه على «حیل الربا» ولا یمکن لمثل هذه التحایلات الشرعیة التقلیل من مفاسد الربا واخراجه من إطار محاربة الله وخلقه».

تعرفنا فیما سبق على الربا بجمیع مفاسده الاجتماعیة والاقتصادیة والأخلاقیة، وعلمنا مدى الخسائر العظیمة والرهیبة التی تسببها هذه النار المهلکة أینما استعرت وکیف تجرّ المجتمع نحو الطبقیة والاستعباد والاستضعاف.

ولکن هناک من ینطبق علیهم المثل المعروف (یریدون الاثنین الله والتمر)(1) وإذا لم یجتمع الاثنان فیما یریدوه، فانّهم یسعون بنحو من الأنحاء إلى التلفیق بینهما صوریاً ولیس منطقیاً، ویأکلون الربا أضعافاً مضاعفة من وراء ذلک. وهم بذلک یتصورون أنّهم لا یتطاولوا على أوامر الشرع المقدس وإن کانوا قد اقتنعوا من الأحکام الإلهیة بقشور لا محتوى لها.

 

و هنالک ثلاث حیل غالباً ما یلجأون إلیها:

1- منح مبلغ من المال بعنوان قرض الحسنة دون أیة فائدة للطرف الآخر، وبذلک یحصلون على أجور کبیرة، وفی مقابل ذلک فإنّ الفائدة التی یأخذونها یبادلونها بقطعة من القند أو علبة کبریت، وهذه القطعة من القند أو علبة الکبریت قد تُعادَل أحیاناً بآلاف بل بعشرات الآلاف من التومانات!! ویقولون ما هو المانع من ذلک فالأرباح بالتراضی.

2- وأحیاناً یأتون عن طریق بیع الشرط، کأن یشترون منزلا سکنیاً من الشخص المقترض بخمسین ألف تومان مثلا ویشترطون أنّه إذا لم یؤدِ الشخص المقترض هذا المبلغ خلال مدّة معیّنة فانّ له الحق فی فسخ المعاملة، ثم یقوم الشخص المقرض باجارة هذا المنزل الذی اشتراه إلى البائع خلال نفس المدّة ویأخذ الفائدة المترتبة على ذلک بصفته بدل الایجار، ویقول الأرباح بالتراضی.

3- والطریق الثالث للهروب من الربا هو بیع وشراء الأوراق النقدیة، حیث یقوم البعض بهذا العمل بدلا من منح القرض وأخذه، فمثلا یبیع شخص مبلغ عشرة آلاف تومان من الأوراق النقدیة إلى الشخص الذی یرید الاستقراض بقیمة أحد عشر ألف تومان أوراق نقدیة وذلک بعد عشرة أشهر! ولما کانت هذه العملیة قد تحولت من صورة «الربا» إلى «البیع»، ونعلم أن الأوراق النقدیة من المعدودات، والمعدودات لا تُعدّ من الربا، فإن حکم الربا یزول عن هذه العملیة دون حصول أی تغییر فی الفائدة المرجوة منها!

و هنا یتبادر إلى الأذهان سؤال هو: أنّ مع کل المفاسد والقبائح التی تذکر بشأن الربا بحیث اعتبر مراراً وتکراراً مساویاً لمحاربة الله من جانب

والأعمال المنافیة للعفة من جانب آخر، هل یمکن إزالة هذه الصفات بمجرّد تغییر صوری فی العملیة أو بضم علبة کبریت، فتصبح معاملة سلیمة لا عیب فیها وحلالا وتبعث على إزدهار الاقتصاد، وهل هذا أمر معقول؟

نتناول بالبحث والتحقیق هذه الحیل وصولا إلى توضیح الحقائق، وسنقتصر مناقشته من بعدین:

1- البعد الفقهی ورأی فقهاء الإسلام، مع بحث إجمالی للأدلة.

2- البعد العرفی والاجتماعی والمصادیق العینیة والخارجیة المتعلقة بکیفیة تحریم الربا وفلسفة ذلک.

فمن الناحیة الفقهیة توجد عدّة نقاط أساسیة ینبغی الإشارة إلیها:

1- أقوال کبار الفقهاء.

فقد أقرَّ الکثیر من فقهائنا الفرار من الربا وطرحوا هذه المسألة فی الکتب الفقهیة تحت عنوان «طرق التخلص من الربا» ذکروا واستدلوا على صحتها بعدد الروایات إلاّ أنّ الدقة فی العبارات التی ذکروها تدل على أن بحثهم یدور حول محور «الربا التبادلی» ولیس الربا فی إعطاء القرض.

و للتوضیح نقول إنّ لدینا نوعین من الربا، الأول هو الربا المعروف الذی یکون بصورة إعطاء قرض، کأن یوضع مال أو أی شیء آخر تحت تصرف آخر بعنوان قرض ویحصل الشخص المقرض لقاء ذلک على فائدة من المقترض مقابل مدة القرض وهذا هو الربا، سواءً قلّ المبلغ أم کَثُر، من هذه المادة أو من تلک.

و النوع الآخر من الربا هو الربا التبادلی کما هو الحال فی شراء کمیتین من البضاعة بقیم متفاوتة، مثلا بیع طن من الحنطة بطنین، ولو کانت الحنطة

الأولى أجود والثانیة متوسطة أو قلیلة الجودة.

و من المسلّم به أنّ هذا النوع من الربا الذی یندر وجوده فیما بیننا لا یتضمن تلک المفاسد والعیوب والقبائح الموجودة فی النوع الأوّل، ولیس نابعاً من المشکلات الاجتماعیة، وإنّما قد یفکر الإنسان أحیاناً بالمقارنة بین مقدار من بضاعة جیدة ومقدار أکبر من بضاعة أقل جودة، فمن المسلّم به أن لا یوجود شخص یبادل حنطة بأخرى مشابهة، وإنّما یقوم بالمبادلة مع حنطة أفضل أو أردأ، وهنا یبدو التفاوت فی القیمة أمراً طبیعیاً.

فمثلا لدینا مقدار من الرز یعادل فی قیمته ضعفین أو ثلاثة أضعاف نوع آخر من الرز، لماذا لا یمکن تبادلهما بتفاوت فی الوزن؟

قد تکون فلسفة تحریم المبادلة فی هذا النوع هی أنّه قد یکون أحیاناً وسیلة للتحایل والالتفاف والتغطیة على الربا، کأن یقوم المرابی الفلانی ببیع أحد الرعایا عشرة أطنان من الحنطة، وعند جمع الحصاد یعطی عشرین طناً، أی أنّه یطرح القرض بصورة تبادل بضاعة باُخرى، وأنّ الإسلام قد حرم تبادل بضاعة بأخرى مع تفاوت فی المقدار تماماً.

و على أی حال لا یمکن إنکار الفوارق الموجودة بین هذین النوعین من الربا، وأن ما یذکره فقهاؤنا فیما یتعلق بطرق الفرار من الربا یدور على الأغلب فی محور الربا التبادلی (راجعوا کتاب الجواهر، الجزء 23، وکتاب ملحقات العروة الوثقى وسائر الکتب الفقهیة)، وهذه المسألة لا علاقة لها بأصل بحثنا وهی مستقلة فی حسابها.

 

2- وقد أعلن جمیع فقهائنا الکبار بصراحة مخالفتهم لحیل الفرار من الربا، ویبدو أن قصدهم هو الربا فی إعطاء القرض. أی الربا من النوع الأوّل.

و من جملة هؤلاء الفقهاء العالم الکبیر المرحوم أقا باقر البهبهانی الذی یعتبر مجدداً لمذهب الشیعة فی القرن الثانی عشر، حیث یقول فی کتاب «آداب التجارة» الصفحة 5:

«إنّ هذه الحیل لیست فی الواقع حیلا مطلقاً (و لا طریقاً للحل)، وإنّما هی عین الربا وسدٌ أمام القرضة الحسنة».

و یقول المحقق اللأردبیلی الفقیه المشهور والعالم الجلیل فی کتابه شرح الارشاد: «یجب اجتناب الحیل لأنّه بعد فهم أسباب تحریم الربا فلا ینبغی الاقتناع بالصورة الظاهرة»، (شرح الارشاد الصفحة 558).

و یعتقد بهذا الرأی أیضاً الفقیه المعروف فاضل القطیفی وتبدو هذه المسألة واضحة أیضاً فی الطبعات الأخیرة من کتاب «تحریر الوسیلة» لإمام الأمّة، وذلک عندما یقول: «ذکروا للتخلص من الربا وجوهاً جدیدة مذکورة فی الکتب، وقد جددتُ النظر فی المسألة فوجدتُ أنّ التخلص من الربا غیر جائز بوجه من الوجوه، والجائز هو التخلص من المماثلة مع التفاضل، فلو أرید التخلص من مبایعة المماثلین بالتفاضل یضم إلى الناقص شیء فراراً من الحرام إلى الحلال»، (نقلا بتلخیص عن الجزء الأول لتحریر الوسیلة، الصفحة 538).

3- وأمّا الروایات التی تجوّز الفرار من الربا عن طریق ضم الضمیمة وأمثالها تقول إنّ هذا العمل جید ولائق لأنّ الإنسان یهرب فیه من الحرام إلى الحلال، وقد جمع المحدِّث الجلیل المرحوم الشیخ الحر العاملی هذه الأحادیث فی کتاب وسائل الشیعة الجزء 12 الصفحة 445 (باب 20 من الربا) والصفحة 466 (باب 6 من الصرف)، وإذا دققنا النظر فی هذه الأحادیث نجد أنّها جاءت جمیعاً فی حالات لاعلاقة لها بالربا أصلا ولا وجود لهدف استغلال الآخرین، وإنّما الهدف هو حل المشکلات المعیشیة مع رعایة الموازین الإسلامیة.

فمثلا کانت هناک دراهم ودنانیر مختلفة من الذهب والفضة تختلف عیاراتها فیما بینها، بالاضافة إلى رواج أنواع الدراهم والدنانیز التی تختلف من منطقة إلى أخرى، وکان الناس آنذاک مضطرین لتبادل هذه الدراهم والدنانیر، والحال أنّ قیمتها فی السوق لیست متساویة، ولهذا السبب ومن أجل احترام التعالیم الإسلامیة فی هذا المجال کانوا یبادلون ألف درهم عراقی إضافة إلى دینار واحد مثلا بألف وخمسمائة درهم شامی والذی یبدو من هذه المعاملة أن 500 درهم الإضافیة کانت تؤخذ مقابل دینار واحد، ولکن فی باطن الأمر أنّ هناک اختلافاً فی القیمة بین الدرهم العراقی والدرهم الشامی فی السوق.

إنّ الکثیر من روایات الفرار من الربا إنّما جاءت لتشرف على مثل هذه المعاملات، أو غیرها مثل معاملات تبادل مناجم الذهب والفضة بالدراهم والدینار، وإنّ التشبث بالحیلة من أجل حفظ الظاهر فی حالات لا یوجد فیها أی نوع من أنواع الربا لا یرتبط ببحثنا الذی یتعلق بشخص مرابی یرید إعطاء المقترض علبة کبریت ویأخذ مکانها ربحاً قدره عشرة آلاف تومان، وهو یظن أنّه یتمکن بهذا الخداع والطرق الساذجة من الفرار من تحریم الربا.

و على هذا الأساس فانّ روایات «التخلص من الربا» لم تفتح مثل هذا الباب مطلقاً أمام المرابین ولم تحول هذا الذنب الکبیر إلى حلال بهذه الحیل الشرعیة، بل نجد العکس من ذلک فی بعض الروایات التی جاءت فیها إشارات ذات معنى فى الاستهانة من قیمة هذا الأسلوب فی الفرار من الربا.

فقد جاء فی نهج البلاغة - هذا السفر الإسلامی العظیم - نقلا عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قوله: قال لی رسول الله(صلى الله علیه وآله).

«یا علی! إنّ القوم سیفتنون بأموالهم... ویستحلون حرامه بالشبهات الکاذبة والأهواء الساهیة فیستحلون الخمر بالنبیذ، والسحت بالهدیة، والربا بالبیع».(2)

و سنرى فی البحث القادم أنّ الفرار من الربا والحیل الشرعیة لا یوجد وراءها أی قصد جدی ولا یراد من المعاملة إلاّ صورتها، وهذا أمرٌ لا اعتبار له فی الفقه الإسلامی.

 


1. مثل ایرانی یقصد منه محاولة الإنسان الحصول على نعیم الدنیا والآخرة فی نفس الوقت.
2. وسائل الشیعة، ج 12، ص 456.
توبة المرابی! هذه الحیل الشرعیة لا تنطلی على أحد   
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma