توبة المرابی!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الخطوط الاساسیة للاقتصاد الإسلامیة
7- الربا، ربّ الفساد الاجتماعی الفرار من الربا أم الحیلة الشرعیة   

خلافاً للمنطق الذی یتمسّک به البعض ممن لدیهم روح انتقامیة والمتصفون بضیق الأفق والذین لا یفهمون معنى العفو والتسامح وإصلاح الفاسدین، فإنّ الإسلام قد فتح باب التوبة دائماً أمام کل مذنب وفی أیة مرحلة وبدون استثناء، ذلک أنّ أسس دعوة الأنبیاء ورسالاتهم تنصب على هذا الفرض، إصلاح الفاسدین وتطهیر الملوثین.

و إلاّ إذا کان جیمع الناس طاهرین مطهرین فلا حاجة آنذاک لبعثة القادة الزعماء الربانیین والمعلمین الإلهیین!

و بغض النظر عن الأقلیة الغیر قابلة للإصلاح فانّ الأکثریة القاطعة تحمل فی ذاتها فطریاً (الاستعداد والقابلیة للاصلاح والسداد فی یوم ما، رغم الجهل والانحراف الذی تعیشه).

و منطق التوبة أساساً ثورة أخلاقیة وذاتیة، والثورة فی مظهرها الخارجی لا یمکن أن تتحقق وتستمر ما لم تدعم بثورة فی داخل النفوس.

و على أی حال فانّ هذه المسألة أوضح من أن تحتاج إلى شرح وتفصیل، ولولا الوساوس التی تصدر من بعض الجهّال لکان هذا القدر من البحث بشأن فتح باب التوبة والعودة إلى الطریق الصحیح زائداً، هذا من جانب.

 

و أمّا من جانب آخر ففی مقابل طریقة تفکیر ذوی الآراء المفرطة التی لا تقبل لیناً ولا تنازلا، نجد منطق المسامحین بشکل مفرط والذین یرون أنّ التوبة تتلخص باللفظ فقط، وهذا أمر عجیب، فانّ التوبة حالة ولیست کلمة، ثورة تغییریة أساسیة وذاتیة، ولیست توبة مقطعیة غیر ثابتة سرعان ما یتم نقضها!

و مع أنّه لا یمکن استیعاب البحوث الواسعة جدّاً المتعلقة بالتوبة فی هذه المقدمة القصیرة إلاّ أنّه من الضروری ملاحظة أنّ التوبة شأنها شأن کل ثورة أخرى تبدأ من الوعی والتفکیر الصحیحین، وتنتهی إلى تدارک ما بدر فی السابق وإعادة بنائة فی جمیع المجالات، فالتوبة بدون هذا التفادی کتخریب بناء خرب ومعرض لخطر الانهیار دون إعادة إعماره، ولهذا السبب نجد فی القرآن المجید مجیء کلمة «أصلحوا» بعد «تابوا» مرات عدیدة.

نترک هذه المقدمة ونتوجه إلى توبة المرابین:

إنّ المرابی الذی یقف على الأضرار الکبیرة والمهلکة التی یسببها عمله، ومستعد لترک هذا الذنب الکبیر وهذه الحرب مع الله ومع خلقه، علیه أن یعمل على معالجة الجراح الرهیبة التی کبدها فی جسم المجتمع الذی یعیش فیه والفطرة التی وهبها الله له.

و المرهم الشافی الأوّل هو إعادة جمیع الفوائد الغیر مشروعة إلى أصحابها (کما جاء فی السابق)، ولهذا السبب یقول القرآن بصریح العبارة (و إن تُبتُم فَلَکُم رُؤُوسُ أموالِکُم)(1).

 

وفی حالة عدم معرفة أصحابها أو صعوبة الاتصال بهم فیجب العمل طبقاً لما ذکرنا سابقاً.

أمّا إذا کان ارتکاب هذا العمل ناشئاً من الجهل أصلا، ولم یکن یعلم بحرمة الربا فی القانون الإسلامی، وبتعبیر آخر أنّ منشأ إرتکابه للذنب هو جهله به ولیس عصیانه ومخالفته للقانون، فانّ بعض فقهائنا واستناداً إلى بعض النصوص والروایات یرون عدم لزوم استرجاع الفوائد التی أخذها من الربا (بعد التوبة).

إلاّ أن کبار المحققین یعتقدون أنّه فی حالة الجهل (بالنسبة للجاهل غیر المقصِّر) فإنّه یرفع عنه الذنب والعقاب، وأنّ الأموال الربویة التی أخذها یجب أن تعاد إلى أصحابها، وفی حالة عدم معرفتهم فیجب العمل طبقاً لما جاء ذکره سابقاً، والروایات التی جاءت فی العفو المطلق قابلة للتأویل.

و أمّا ما جاء فی الآیة 275 من سورة البقرة (فَمَن جَاءَهُ مَوعِظَةٌ مِنْ رَبّهِ فانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ) فلا یفهم منّا حلیّة الفوائد التی أخذها سابقاً، وإنّما المقصود هو غفران الذنوب التی ارتکبها فی جهله.

إضافة إلى أنّ هذه الآیة تتعلق بزمان الجاهلیة، وقبل تحریم الربا فی القرآن، ومن الممکن أن یکون هذا القانون الإسلامی عطف على ما سبق کما هو حال سائر القوانین، أی أولئک الذین مارسوا الربا فی أول الإسلام وقبل نزول آیات تحریم الربا هم الذین شملهم العفو، ولکن هذا الأمر لیس له علاقة بالأفراد الذین وقعوا فی حبائل هذا الذنب جهلا وبسبب عدم الوعی فی الأزمنة التی التحریم.

و خلاصة الأمر نقول أنّ قبول توبة المرابین مشروطة فی الدرجة الأولى بتدارک ماضیهم بأداء حقوق الناس وتطهیر نفوسهم وقلوبهم، ومعالجة الجروح المهلکة التی أوجدوها فی الناس خاصة الطبقات الضعیفة والمستضعفة منهم، وإلاّ فإنّ التوبة فی اللسان فقط دون إقترانها بعمل یدل على صدق ما یقولون ستکون غیر ذات أثر ولا تؤدّی إلى أدنى تغییر فی المصیر المؤلم الذی سیلاقیه المرابون.

نقرأ فی قصة قدیمة أن رجلا مرابیاً سقط من سلم ومات فی حینه فرؤیَ فی المنام وسئل، هل رأیت ملائکةَ قَبْضِ الأرواح؟ قال: کلا. وسئل ثانیة: هل تعرضت لسؤال منکر ونکیر فی اللیلة الأولى من قبرک؟ قال: کلا. قیل له: فهل طویت المراحل التی قیل أنّها موجودة فی عالم البرزخ؟ قال: کلا.

فقیل له: فماذا رأیت إذن؟ قال: لم أرَ أی شیء... لأنّی سقطت من أعلى السلم ووقعت مباشرة فی وسط جهنم!

 


1. سورة البقرة، الآیة 279.
7- الربا، ربّ الفساد الاجتماعی الفرار من الربا أم الحیلة الشرعیة   
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma