2- وأمّا القول بأنّ دفع جزء من الأرباح للوسیلة یعتبر نوعاً من أکل الربا فهو خطأ جسیم، فلم یذکر أی من فقهاء الإسلام مثل هذا المفهوم للربا، فضلا عن عدم وجود آیة أو روایة تشیر إلى ذلک. وهذا الموضوع لا ینسجم أساساً مع فلسفة تحریم الربا، حیث إنّ الشخص المرابی یجلس جانباً ویستفید من أمواله دون أی ضرر، أی أنّ أی ضرر وخسارة یتحملها الشخص المقترض، بینما نجد أنّ الشخص الذی یستثمر أمواله فی أحد المجالات الصناعیة أو الزراعیة أو فی الماشیة یتحمل الخسارة بنفس النسبة التی یتحملها شرکاؤه ومعاونوه.
فمثلا قد لا یحصل المستثمر على المحصول الکافی أو تعترض المواشی للتلف لسبب من الأسباب أو لا یجد مَنْ یشتری إنتاج مصنعه، والمرابی على أی حال لا یعرّض رأس ماله للمخاطرة، ولکن أموال المنتجین عرضة بشکل دائم للخطر (لاحظوا بدقّة).
و أمّا الاستدلال بالآیة (فَلَکُم رُؤُوسُ أموالِکُم) فلا یوجد أی دلیل فیها یثبت ما یرومون إلیه خاصة إذا لاحظنا المقاطع التی قبل الآیة المذکورة وبعدها، ویبدو أنّهم قد اقتطعوا هذه القسم من الآیة ممّا قبله وما یلیه عمداً، لأنّ الآیة التی تلی تصدر أمراً لامهال المطالبین بالدین، وهذا یعنی أنّ الحدیث هو عن الدیون الربویة، ولیس أی شکل من أشکال توظیف الأموال.
و الربا أساساً لا یشمل توظیف الأموال، لا من ناحیة المفهوم، ولا من ناحیة التحریم، ولا من ناحیة ما نزل من آیات وما جاء من روایات، ولکن للأسف - اُولئک الذین یریدون فرض تأویلاتهم على القرآن یخرجون بمثل هذه الاستدلالات ولو کانت خاطئة ومصداقا بیّناً لـ«التفسیر بالرأی»، قد یرد إشکالٌ هنا فحواه کیف یمکننا تقسیم عائد العمل بشکل عادل، لا یوجب ظهور القطبین فی المجتمع ویؤخذ فیه بنظر الاعتبار الموازین الإسلامیة.
و جواباً على ذلک نقول إنّ الحکومة الإسلامیة باستفادتها من صلاحیات ولا یة الفقیة لها الحق فی تقسیم قیمة العائد بین «العمل» و«الوسائل» مثلما یحق لها تعیین أسعار المواد المختلفة.
1. سورة البقرة، الآیة 279.
