إنّ قیمة البضائع فی النظام الرأسمالی لیست بید الرأسمالیین الکبار فحسب وإنّما سوف یتحکمون عملیاً باسعار المواد الأولیة التی یبتاعونها من الآخرین، حیث یمکن لهؤلاء الرأسمالیین الابقاء على الأسعار البخسة للمواد الأولیة من جهة والابقاء على ارتفاع أسعار محصولاتهم مستفیدین فی ذلک من سطوتهم المالیة الکبیرة وضعف البنیة الاقتصادیة لأصحاب المواد الأولیة، ولهذا السبب نجد مادة قلیلة الثمن تباع بأسعار باهظة جدّاً إذا ما طرت علیها بعض الرتوش التقنیة.
إنّ أصحاب رؤوس الأموال الکبار یضعون الخطط المعقدة والمدروسة بدقة ویتواطئون فیما بینهم من أجل الحفاظ على رخص أسعار المواد الأولیة لیواصلوا نهبهم بأفضل وجه.
و لا تنطوی مثل هذه الأعمال التی ذکرنا ستة نماذج منها بالاضافة إلى التفاعلات المعقدة الأخرى التی لا یعلم بمعادلاتها إلاّ العقول الاقتصادیة البارعة، إلاّ إزدیاد شعوب العالم فقراً من جانب، وتراکم الثروة لدى أقلیة أنانیة ومستبدة من جانب آخر.
فهل یمکن لمثل هذه المنافسة الحرة ومثل هذا النظام الاقتصادی الحفاظ على مصالح أکثریة شعوب العالم؟
و هل یقود ذلک سوى إلى تنامی ثورة الأقلیة الثریة تجاه الأکثریة المعدمة.
ألیست الرأسمالیة الغریبة ببرامجها المعادیة للإنسانیة تحولت إلى بؤرة کبرى للسلب والنهب والظلم والفساد والتآمر؟!
طبعاً الحدیث عن الجرائم والفجائع الألیمة والأوضاع المأسویة التی ولّدتها الرأسمالیة فی هذا السبیل أکثر بکثیر من حصره فی بحوث مختصرة وقصیرة کالبحث السابق، ولکن لحسن الحظ أو لسوئه فإنّ مشاهدة هذه النتائج فی العالم بالعین المجرّدة، وفی بلادنا أیضاً یغنینا عن الاسهاب فی هذا الحدیث.
