لا بدّ وأنّکم تعلمون أنّ المقصود من الرأسمالیة لیس هو جمیع أنواع الملکیة الشخصیة، والرأسمالیة الخاصّة بمفهومها اللغوی، وإنّما هی الملکیة الشخصیة فی شکلها الصناعی والممتزج بالتکنولوجیا الحدیثة ونظام المعامل والعمّال وأرباب العمل.
و بتعبیر آخر فإنّ المجتمع سینقسم طبعاً إلى طبقتین أثر تطور الصناعة والإنتاج هما «أصحاب المعامل» و«العمّال» ویطلق على الطبقة الأولى اسم الرأسمالیة (البرجوازیة)، والثانیة العمّال (البرولیتاریا).
أمّا أولئک الذین لدیهم معامل صغیرة والمنتشرین فی زوایا هذه المجتمعات فیطلق علیهم اسم «البرجوازیة الصغیرة».
و من خلال التحقیق فی جذور هذا المذهب یتبیّن أنّه یستند على أربعة أسس رئیسیة:
1- الملکیة الشخصیة بشکلها اللامحدود وبدون أی قید أو شرط.
2- الاعتراف برأس المال بصفته العامل الأول للقیمة.
3- حریة الاستثمار بأی شکل وبأیة کیفیة لرأس المال.
4- حریة الاستهلاک فی أی طریق وبأی مقدار وبدون أی قید أو شرط.
و لا شک أنّ هناک قوانین فی الدول الرأسمالیة هدفها تحدید کل من الأسس الأربعة الآنفة الذکر (کإشراف الدولة المحدود على کیفیة الإنتاج وکمیته، وإشراک العامل قسراً فی عائدات المعامل فی بعض الدول، أو منع الاستثمارات فی قسم من الحقول الاقتصادیة الاُسس لا تتعدى).
ولکن لا ینبغی نسیان نقطة مهمّة هی أنّ أیاً من هذه الاُسس لا یتعدى حدود الاستثناء فی مقابل الأصل والقانون العام، وما دامت الضرورة لا تستوجب هذا الاجراء فإنّ الأساس والقاعدة هی تلک المبادىء الأربعة التی ذکرناها سابقاً.
