المفاهیم البناءة ممسوخة!   

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الخطوط الاساسیة للاقتصاد الإسلامیة
أهمیّة الأعمال الانتاجیةالمذاهب الاقتصادیة الثلاث...   

لم یقبل الإسلام أی عذر وذریعة فی مسألة التهرب من السعی والجد والعمل، فلا بدّ للجمیع من العمل حتى تصل الثورة إلى مقاصدها وعلى الجمیع المساهمة فی هذه النهضة الکبرى کلٌّ حسب مسعاه.

قلنا إنّ العمل هو جهاد اجتماعی ودینی کبیر، وهذا البحث تناولناه سابقاً وعلمنا تأکید الإسلام هذه المسألة الحیاتیة والأساسیة.

و قد یطرح هنا سؤال مهم هو: ألیس هناک تناقض بین هذه التعالیم الإسلامیة الحیویة وبین ما جاء فی الآیات والروایات التی تأمر بالتحلی بـ «الزهد» و«التوکل» و«الابتعاد عن الرکض وراء الآمال العریضة» و«عدم العنایة بالأمور الدنیویة»؟ فقد حدّث البعض نفسه.

بل إنّ بعض الأفراد یقولون إنّنا عندما نقرأ هذه الآیات والروایات یضعف فینا الدافع نحو العمل والسعی والنشاط فنحذر أن تکون من طلاب الدنیا فنحشر فی زمرتهم.

و الحقیقة أنّ غیاب الثقافة الإسلامیة المتکاملة التی تمتلکها الأمّة والتی تسلّط الضوء على کافة المفاهیم هی التی تؤدّی إلى ظهور مثل هذه التناقضات.

 

و کما أشرنا فی البحوث المرتبطة بدوافع ظهور الدین، فإنّ هذه المفاهیم (الزهد، والتوکل، وطول الأمل، وأمثال ذلک...) قد تعرضت للمسخ والتحریف واختلطت مفرداتها بالمزاجات الشخصیة لقصیری النظر بحیث أدّى ذلک إلى تشویه هذه المفاهیم البنّاءة فی أذهان الناس تماماً، وأخذ بعض المتظاهرین بالاسلام بجعل هذه المفاهیم غطاء یخفی وراءه نقائصه وکسله وقصر نظره.

و لا نرى من صعوبة فی إدراک مراد الشارع من هذه المسائل لم أراد الواقع.

فمثلا عندما نواجه الروایة التالیة: عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی قول الله تعالى: «(وَ عَلَى اللهِ فَلْیَتَوَکَّلِ المُتَوکلونَ) قال: الزارعون».(1)

ندرک فوراً أنّ التوکل لا یعنی الانزواء وعدم النشاط وترک العمل والسعی فالمزارعین هم أکثر طبقات المجتمع نشاطاً وکفاحاً.

و عندما نقرأ قصة غزوة «حمراء الأسد» التی حصلت بعد معرکة أحد التی مُنی الجیش الإسلامی فیها بخسارة فادحة، نجد أنّ جیش المسلمین جمع قواه مرّة أخرى لمواجهة الضربة الثانیة التی ینوی العدو توجیهها للمسلمین وقد اشترک فی هذه الغزوة حتى جرحى معرکة أُحد، ومن أجل أن یظهروا للآخرین استعدادهم للاستماتة والتضحیة حتى آخر قطرة دم، جعلوا مجموعة من جرحى غزوة اُحد فی الصفوف الأمامیة.

و قد أثنى القرآن الکریم على هذا الجیش بالتعبیر التالی:

(الَّذِینَ قَالَ لَهُم النّاسَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَکُمْ فَاخْشَوهُم فَزَادَهُم إِیماناً وَقَالُوا حَسبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَکِیلُ).(1)

و بالالتفات إلى هذه التعبیرات یمکن إدراک روح «التوکل» والذی یعنی الاطمئنان بلطف الله وفی نفس الوقت السعی المستمر والدائم.

أو عندما نجد أمیر المؤمنین(علیه السلام) ینصح الناس بالزهد وهو على رأس الدولة الإسلامیة ویعیش فی قلب المجتمع وبین أمواج الحیاة الهائجة، نفهم أنّ الزهد لا یقصد منه الابتعاد عن المجتمع والعمل والنشاط وإنّما عدم الوقوع فی أسر المال والمنصب، ولا یعنی الانزواء والانعزال وإنّما یعنی الاستقلال الروحی وعدم التبعیة للمادیات واطلاق العنان لها.

کما نفهم من الروایات الإسلامیة التی اعتبرت «الحرص وطول الأمل» من عوامل الغفلة عن محکمة العدالة الإلهیة فی العالم الآخر أنّ المقصود هو إدانة أعمال طلاب الدنیا الذین یجمعون الثروة غافلین عن المفاهیم الإنسانیة ولا یعیرونها أیّما إهتمام، ولا یعترفون بأی قید أو شرط.

و الدلیل على ذلک الأحادیث التی وردت فی المصادر الإسلامیة المختلفة بشأن «الاجمال فی طلب الرزق، التی تحث المسلمین بعدم الحرص فی کسب المال وعدم الرکض وراءه».

ولکن ما هو الهدف النهائی الذی تؤکد علیه هذه الروایات عندما نتمعنها؟ لقد روی عن النبی(صلى الله علیه وآله) فی أحد هذه الأحادیث أنّه قال فی إحدى خطبه فی حجة الوداع «آخر حجّة له(صلى الله علیه وآله)»:

«اتقوا الله وأجملوا فی الطلب ولا یحملنّکم استبطاء شیء من الرزق أن تطلبوه من غیر حلّه».

فالهدف النهائی لهذه الأحادیث هو الإشارة إلى أولئک الحریصین الذین یرتکبون أعمال الاعتداء والغصب لحقوق الآخرین من أجل رفاه أحوالهم، ویطلقون على أعمالهم الشنیعة هذه تسمیات مختلفة مثل «ضمان المستقبل» لتکون ذریعة لجمع الثروة واکتناز الأموال، أو یعتبرون مسألة الثراء السریع جوازاً لهم فی السیر فی الطرق الغیر مشروعة.

فالإسلام یدعو جمیع هؤلاء إلى ضبط النفس والسیطرة على أهوائهم الجامحة ورعایة أسس العدالة والتقوى، وتوظیف التعالیم السابقة ککبح للسیطرة على الانانیة وحبّ الذات التی تفشت للأسف فی المجتمعات وقبّحت وجه الإنسانیة. وناهیک عما تقدم فللعمل بُعدان; أحدهما فردی ذات صلة بدخل الفرد، والآخر اجتماعی مرتبط بتطور المجتمع وإزدهاره فالصفات المذمومة المذکورة آنفا ترتبط بالجانب الفردی للعمل، أی جعل السعی والنشاط وسیلة للاستثمار والاستغلال للآخرین، واستخدام ذلک حربة للممارسات الأنانیة أو التفکری بالنفس فقط على الأقل.

أمّا العمل الذی یصب فی خدمة المجتمع وسیرته التکاملیة فلیس مخالفاً للزهد والتوکل ولا یعتبر دلیلا على الحرص وطول الأمل ولا حبّ الدنیا، بل هو عین الزهد والتوجه للآخرة، وعین العبادة والتقرب إلى الله سبحانه.

فإذا قال لک شخص أنا لا أعمل لئلا أکون دنیویاً! فقل له فوراً: إذهب واعمل لرفاه المجتمع ولا تطالب بالاجور لکی یتبیّن من خلال ذلک أنّها ذرائع للتهرب من العمل والسعی، ولیست زهداً وترکاً للدنیا، خاصّة وأنّنا الیوم نمرّ بلحظات حساسة من تاریخنا بحیث إذا ترکنا هذا الجهاد الإسلامی الأکبر، أی العمل فی جمیع المجالات ولم نحیی هذه الروح فإنّ ثمار ثورتنا تتعرض لخطر حقیقی.

فعلى جمیع المسلمین فی العالم أن یشمّروا عن ساعد الجد، وأن تعمل جمیع فئات الأمّة وتکافح من أجل استمرار حرکة الثورة، وإلاّ ستتعرّض أسس استقلالنا إلى ضربة یصعب تدارکها.


1. وسائل الشیعة، ج 12، ص 25.
2. سورة آل عمران، الآیة 173.
أهمیّة الأعمال الانتاجیةالمذاهب الاقتصادیة الثلاث...   
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma