إنّ رمی الجمرات یعتبر واحداً من أهمّ مشکلات الحجاج، سیّما فی عید الأضحى حیث یندفعون لرمی جمرة العقبة، وفی أکثر السنین تحدث خسائر کبیرة بالأرواح، ویُقتَل الکثیرون فی أطراف الجمرات، أو یجرحوا، وغالباً تتعرّض رؤوسهم أو وجوههم أو عیونهم لصدمات وأضرار بالغة.
وعلى رغم التدابیر المتخذة للحدّ من هذه الأضرار کایجاد طبقة ثانیة للجمرات إلاّ أنّ هذه المشکلة لا تزال قائمة تنتظر الحلّ.
إنّ أکثر تلک الخسائر والأضرار ناجمة عن التصوّر العام الذی توحی به فتاوى جماعة من الأعلام المعاصرین القاضیة بوجوب إصابة الأعمدة الخاصة، فی الوقت الذی لا یتوفّر دلیل قاطع وواضح على هذه المسألة، بل قام الدلیل على خلاف ذلک، وهو یشیر بوضوح إلى کفایة رمی الأحجار باتجاه الجمرة ووقوعها فی تلک الدائرة المسمّاة بمجتمع الحصى، وفی الواقع أنّ محلّ الجمرة هو مجتمع الحصى ولیس الأعمدة المبنیّة کعلامة وشاخص على ذلک المحلّ.
إنّ هذه المقالة کُتِبت لأجل توضیح الأدلّة العلمیّة على هذه المسألة ووضعها بین یدی علماء الإسلام، لیتبیّن أنّ تلک الأعمدة لم تکن فی زمان النبی (صلى الله علیه وآله)ولا فی زمان الأئمّة (علیهم السلام)، وإذا وجدت فلمجرّد رؤیة محلّ الجمرة وحتى لا یفقد الحاجّ محلّ الرمی، کما ینصب أحیاناً مصباح أو سراج لأولئک الذین یرمون بحکم الضرورة لیلا.
من هنا نطلب من أرباب التحقیق أن لا یصدروا أحکاماً مسبقة حول هذا المقال قبل أن یطالعوا الکتاب بدقّة، وفقکم الله لمرضاته.