یعنی إذا وردت کلمة مثل الصّلاة فی حدیث، ولم نعلم أنّ الحدیث ورد قبل نقل هذه اللّفظة إلى المعنى الشرعی أو بعد نقلها إلیه، فإن کان الأوّل لا بدّ من حملها على معناها اللغوی، وإن کان الثانی وجب حملها على المعنى الشرعی.
وحاصل الکلام هنا: إنّه تارةً یکون تاریخ الاستعمال وتاریخ النقل کلاهما معلومین واُخرى یکون تاریخ الاستعمال معلوماً وتاریخ النقل مجهولا أو بالعکس، وثالثاً یکون کلاهما مجهولین.
لا کلام فی الصورة الاُولى والثالثة فإنّ حکمهما واضح کما لا یخفى، إنّما البحث والإشکال فی الصورة الثانیّة، فهل یجری فیها أصل من الاُصول العملیّة أو لا؟
لا شکّ فی عدم جریان استصحاب عدم المجهول إلى زمان المعلوم فی کلا شقّیها، لأنّ الاستصحاب یجری فی الأحکام الشرعیّة وموضوعاتها، فإنّه من الاُصول التعبّدیّة التی وضعها الشارع فیها، ولذلک لا بدّ فی جریانها من أثر شرعی بلا واسطة، ولا ریب فی أنّ عدم الاستعمال أو عدم النقل فی ما نحن فیه لیس له أثر شرعی بلا واسطة.
نعم تجری أصالة عدم النقل التی هی من الاُصول اللّفظیّة العقلائیّة، وتکون من الأمارات فی صورة الجهل بالنقل والعلم بالاستعمال لا العکس.
لکن یرد علیه: بأنّ أصل عدم النقل یجری فیما إذا شکّکنا فی أصل النقل لا ما إذا کان أصل النقل معلوماً وکان تاریخه مجهولا، فإنّ بناء العقلاء ثابت فی الأوّل دون الثانی، وعلى هذا فلا أصل عملی یجری فی المقام.