لم نر فی کلماتهم ما یدل على شىء من ذلک عدا ما یظهر من عموم نفى أحکام الولد عنه فی کلماتهم ماعدا حرمة النکاح.
و ممن صرّح بعدم وجوب الانفاق علیها - ناقلا عن بعض فقهائهم - ابن قدامة فی المغنى، حیث قال: یحرم على الرجل نکاح بنته من الزنا و اُخته و بنت ابنه و بنت بنته و بنت أخیه واُخته من الزنا، و هو قول عامة الفقهاء، و قال مالک و الشافعی فی المشهور من مذهبه یجوز ذلک کلّه، لأنّها أجنبیّة منه، و لا تنسب إلیه شرعاً، و لا تجرى التوارث بینهما... و لا تلزمه نفقتها...(1) و لکن الانصاف أنّ المتعارف بین العقلاء من أهل العرف القاء نفقة هذه الأولاد على عاتق صاحب النطفة، و هکذا حضانتهم، و لا یعتنى باعتذار عدم کون هذه الأولاد لهم بحسب قانون العقلاء أو قانون الشرع المقدس; فالاحوط لولا الأقوى وجوب الانفاق علیهم و حضانتهم من ناحیة صاحب النطفة.
و أمّا الولایة، و أحکام العاقلة، و إجراء حکم عدم اقتصاص الوالد بولده، و عدم سماع شهادة الولد على والده، فلمّا کان جمیعها مخالفاً للأصل و لا یکون هنا دلیل على ثبوتها لصاحب النطفة، فاللازم الحکم بنفیها فی حقّه، و الله العالم.
و قد عثرنا بعد ذلک کلّه، على کلام للّعلامة الشیخ عبدالله المامقانی فی کتابه، مناهج المتقین، فی فقه أئمة الحق و الیقین; یدل على قبوله لجریان جمیع أحکام الولد على ولد الحرام ما عدا الارث; حیث قال: و الاقوى اتحاد ولد الزنا و ولد الحلال فی جمیع أحکام النسب عدا الارث، فانّه لا ارث بین ولد الزنا و أقاربه للنص الخاص، و أمّا فیما عداه فالمرجع اطلاق الادلة، لصدق الابن و الأخ و نحوهما لغة و عرفاً.(2)
و لکنه قول شاذ جداً و ینافیه قوله(علیه السلام) الولد للفراش و للعاهر الحجر; و یظهر من صحیحة الحلبی أنّه لا یختص بموارد الشک بل یشمل موارد الیقین أیضاً، فمعناه أنّ الولد لا یکون إلاّ للفراش اى النکاح الصحیح شرعاً، و هو بمنزلة تعلیل عام لجمیع أحکام الولد، فیکون الأصل عدم جریان الأحکام إلاّ ما خرج بالدلیل، کما ذکرنا فی المسائل السابقة; و اللّه العالم.