هذا الحدیث نقله الشیعة والسنّة عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یقول: «جُعِلِتْ لِی الأرْضُ مَسْجِدَاً وَطَهُورَاً»(2).

وظنّ بعضهم أنّ معنى الحدیث هو أنّ الأرض وما علیها مکان لعبادة الله والتعبد، ولا یوجد مکان خاص ومعین للعبادة، کما یقول به الیهود والنصارى: من أنّ العبادة لابدّ أن تکون فی الکنیسة أو المعابد الخاصّة. ولکن مع أدنى تأمل یتضح أنّ هذا التفسیر لا ینسجم مع المعنى الواقعی للحدیث; لأن النبی(صلى الله علیه وآله) قال: «جعلت لی الأرض مسجداً وطهوراً» ونعلم أنّ ما هو طهور یمکن التیمم منه، کالتراب والحصى من الأرض، وعلى هذا لابدّ أن یکون مکان السجود من نفس التراب والحصى.

2. صحیح البخاری، ج 1، ص 91; وسنن البیهقی، ج 2، ص 433، وهناک کتب أخرى کثیرة نقلت هذا الحدیث.

ولو کان النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یرید بیان المعنى الذی استفاده بعض فقهاء أهل السنّة من الحدیث لقال: «جعلت لی الأرض مسجداً وترابها طهوراً» ولکنه لم یقل ذلک.

والنتیجة: أنّه لا یوجد شک أنّ معنى (مسجد) هنا هو بمعنى مکان السجود، ومکان السجود لابدّ أن یکون من نفس الشیء الذی یجوز منه التیمم.

فعمل الشیعة لیس خطأ إذا تقیَّدوا بالسجود على الأرض ولم یجیزوا السجود على السجاد وغیرها; لأنّهم یعملون بأوامر رسول الله(صلى الله علیه وآله).