لا بأس ومن باب حسن الختام أن أذکر للقرّاء الأعزاء هذه القصّة التی حدثت معی شخصیاً فی المسجد الحرام وأنهی البحث:
إلتقیت فی إحدى سفراتی للعمرة بمجموعة من علماء الحجاز فی المسجد الحرام بین صلاتی المغرب والعشاء، وکانت هناک فرصة للبحث حول تقدیس جمیع الصحابة، ووفقاً لاعتقادهم ـ کما هی العادة ـ فإنّه یجب ألاّ ینالهم أی نقد.
وقلت لأحدهم: افرض أنّ معرکة صفین قد بدأت الآن، فإلى أی جبهة ستنضم، إلى جبهة علی(علیه السلام)، أم إلى جبهة معاویة؟
أجاب: إلى جبهة علی(علیه السلام) حتماً.
قلت: ماذا تفعل لو أمرک الإمام علی(علیه السلام) بأخذ السیف وقتل معاویة؟
تأمّل لحظات وقال: أقتل معاویة، ولکن لا أتعرض له بأی انتقاد.
نعم، هذه هی نتیجة التعصب غیر المنطقی للمعتقدات، والدفاع عنها بالتالی سیکون غیر منطقی أیضاً، والإنسان یبتلى بهؤلاء المتحجرین.
والحق هو أن نقول: إنّ الصحابة وأتباع النبی(صلى الله علیه وآله) ینقسمون، من جهة إلى عدّة أصناف، وذلک بشهادة القرآن الکریم والتاریخ الإسلامی، فهناک مجموعة من الصحابة وأتباع النبی(صلى الله علیه وآله) کانوا منذ البدایة طاهرین وصادقین وصالحین وبقوا على ذلک إلى النهایة «عاشوا سعداء وماتوا سعداء».
ومن جهة أخرى هناک مجموعة أخرى کانوا فی صفوف الصالحین والطاهرین فی عصر النبی(صلى الله علیه وآله)، ولکنّهم بعد ذلک غیّروا مسیرتهم طلباً للجاه وحبّ الدنیا، ولم تکن عاقبتهم إلى خیر.
وهناک مجموعة ثالثة کانوا منذ البدایة فی صف المنافقین و عبدة الدنیا، ولأجل أهداف خاصة التحقوا بالمسلمین، مثل أبی سفیان.
وهنا نشیر للمجموعة الأولى ونقول: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلاِِخْوَانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونَا بِالاِْیمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّکَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ)(1).
1. سورة الحشر، الآیة 10 .
