SiteTitle

SiteTitle

SortBy
 
137/ أين يقع المشرقان والمغربان ؟

137/ أين يقع المشرقان والمغربان ؟

الجواب :ورد المشرق والمغرب في القرآن الکريم بصيغة التثنية کما في الآية الآنفة ، وورد بصيغة الجمع أيضاً کقوله تعالى :) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ( [المعارج: 40] ، وقوله :) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ کَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَکْنَا فِيهَا ( [الأعراف: 137] .وبهذا يکون المشرق والمغرب قد استعملا بصيغة الجمع الکاشفة عن وجود أفراد متعددة له ، وبصيغة التثنية الحاکية عن فردين اثنين ، وذکر المفسرون معنيين لذلک :1- المراد من المشرقين والمغربين مشرقا ومغربا نصفي الکرة الأرضية ؛ أي نصفا الکرة الشمالي والجنوبي ونصفاها الشرقي والغربي ، حتى ذهب البعض الى أن هذه الآية تشير الى وجود نصف کرةٍ جديدٍ هو قارة أمريکا ، وذلک قبل اکتشافها ، وهذا الموضوع خارج عن دائرة بحثنا .وعلى هذا الأساس ، يکون المراد من المشارق والمغارب نقاط الکرة الأرضية المختلفة ، فکلّ نقطةٍ تکون مشرقاً لنقطةٍ ما ومغرباً لنقطةٍ أخرى .وبعبارةٍ أخرى : إحدى خواص کروية الأرض أن أي نقطةٍ تقع الى الغرب من نقطةٍ أخرى تعتبر مشرقاً بالنسبة لها ، کما وتعتبر مغرباً بالنسبة للنقطة المقابلة ؛ لذا ذهب البعض الى أن هذه الآيات تشير الى کروية الأرض .2- المقصود من تعدد المشارق والمغارب تعدد نقطة الشروق والغروب الحقيقي للشمس ؛ ذلک أن الشمس لا تشرق من نقطةٍ واحدةٍ ولا تغرب کذلک ، بل إنها کلّ يوم تشرق من نقطةٍ تختلف عن سابقتها وتغرب کذلک ؛ بسبب ميلها الى الشمال والجنوب نتيجة ميل محور الأرض عن سطح دورانها حول الشمس . بناء على هذا ، إن أخذنا بنظر الاعتبار مجموعة نقاط الشروق والغروب المختلفة تحتّم علينا التعبير ﺑ المشارق و المغارب ، وإن نظرنا الى آخر نقطةٍ للميل الشمالي الأعظم للشمس (أول الصيف) وآخر نقطةٍ للميل الجنوبي الأعظم لها (أول الشتاء) وجب علينا التعبير ﺑ المشرقين و المغربين ، وهذه من روائع ابتکارات القرآن الکريم ، حيث لفت أنظار الناس الى أسرار الخلقة العجيبة في جمل ٍ مقتضبةٍ وموجزةٍ ؛ لأننا نعلم مدى التأثير الکبير لتغيير مواضع شروق الشمس وغروبها على نمو النباتات ونضوج الفواکه ، بل على الوضع العام للموجودات الحية بأسرها وجمالية عالم الخلقة عموماً .  

Writer:

82/ لماذا لا يجوز اعطاء القرآن لغير المسلم ؟

82/ لماذا لا يجوز اعطاء القرآن لغير المسلم ؟

الجواب : عندما يکون الهدف من إعطاء القرآن لغير المسلم هدايته وجذبه للاسلام وتعريفه به , ولم تجزِ ترجمة القرآن الکريم عن تحقيق هذا الهدف ,فلا مانع حينئذٍ من تسليمه القرآن ؛ وإلا منع ذلک لأن أوضح دليل على أحقية الاسلام ومعجزة النبي الخالدة هو القرآن الباقي کدليل حيّ على مدى العصور والقرون , والطريق الأمثل للاستفادة منه طبعه وتوزيعه في شتى أرجاء المعمورة ليتسنى لطلاب الحق والحقيقة التعرف على الدين الاسلامي الحنيف في ظلّ آياته الشريفة ؛ وهذا – بحدّ ذاته – دليل على أبدية هذا الکتاب , وهو أن يقدم لکافة الأمم والشعوب في کل عصر ومصر لمطالعة آياته والارتواء من هذا النمهل الطاهر.إن القرآن الکريم يأمر النبي (ص) بالسماح لمن يرغب من المشرکين بالاستماع الى کلام الله تعالى حتى أثناء الحرب بالحضور بين المسلمين وإجارته وتلاوة القرآن على مسامعه , وإن أراد العودة الى صفوف المشرکين فله ذلک .وبالنظر الى ذلک , فان حفظ حرمة القرآن الکريم من التعرض للاهانة واجب على کل مسلم ؛ ومتى ما احتملنا قيام الکافر بهتک حرمته والتجاوز عليه فلا ينبغي جعله تحت تصرفه , واذا ما أصبح تحت تصرفه يجب استعادته منه بشتى السبل المتاحة ؛ والظاهر أن مراد الفقهاء من قولهم : لا يجوز اعطاء القرآن للکافر , هذه الصورة الأخيرة لا الصورة السابقة التي يراد منها الهداية .وبإيجاز , يجب أن يکون القرآن بعيداً عن متناول الأيادي القذرة إلا اذا احتمل هدايتهم للاسلام , فحينئذٍ يجوز تزويدهم بنسخة منه .--------------------------1) وإن أحد من المشرکين استجارک فأجره حتى يسمع کلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلک بأنهم قوم لا يعلمون (التوبة : 6 ) .

Writer:

136/ ما المراد من السماوات السبع ؟

136/ ما المراد من السماوات السبع ؟

الجواب : ذکر العلماء والمفسرون عدّة تفاسير للسماوات السبع التي ورد ذکرها في القرآن الکريم : 1- المراد من السبع هنا الکثرة لا غير، ، أي السماوات المتعددة ، فيکون الله تعالى خلق عدّة سماوات ؛ وهذا غالباً ما يستعمل في اللغة العربية وغيرها ، إذ يذکر عدد بعينه ولا يراد منه خصوص المقدار المذکور ، بل يراد بيان کثرة الشيء .فعلى سبيل المثال ، کثيراً ما نقول : کلمتک بکذا سبعين مرة ، أو طالتبته عشر مرات ؛ في حين لا نقصد من ذلک خصوص السبعين والعشرة بعينها ، بل المقصود کثيراً ما تحدثت في الموضوع الکذائي ، وکثيراً ما طالبت الشخص المقابل . وکشاهدٍ على ذلک قال تعالى بشأن کلمات أو معلومات الباري جلّ وعلا : ) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ کَلِمَاتُ اللَّهِ ( [لقمان: 27] ، فمن البديهي أن العدد سبعة جيء به لبيان الکثرة والتعدد ؛ وإلا فنحن نعلم أنه لو أضيفت الى تلک الأبحر عشرة أو مائة أخرى لم تنفد کلمات الله أيضاً ؛ لأنه تعالى غير متناهٍ في کلّ الأحوال .وکذلک الأعداد الأخرى نحو سبعين وغيرها ، حيث استعملت في القرآن واللغة العربية وغيرها من اللغات بهدف الکثرة ، ولا خصوصية فيها لنفس العدد . 2- المقصود من السماوات السبع الکواکب المعروفة للناس أثناء نزول القرآن الکريم ، أو الکواکب المرئية الآن من قبل الجميع بالعين المجردة .3- المراد من السماوات السبع طبقات الهواء المختلفة المحيطة بالأرض .4- يعتقد کبار العلماء أن جميع الکواکب والأجرام السماوية والمجرّات المرئية هي جزء من السماء الأولى ، وثمة ستة عوالم أخرى وراء هذا العالم .إن مراد القرآن من السماوات السبع هو مجموع العوالم السبع الموجودة في الکون ، وإن لم يتمکن العلم الحديث إلا من الکشف عن واحدٍ منها فقط ؛ فلا مانع من اکتشاف العوالم الستة الأخرى مستقبلاً نتيجة استکمال العلوم الانسانية . ويستشهد أصحاب هذه العقيدة بقوله تعالى : ) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْکَوَاکِبِ ( [الصافات:6] ، حيث يستفاد من هذه الآية أن جميع الکواکب واقعة في السماء الأولى ( مع العلم أن الدنيا لغةً تعني : السفلى والقريبة) .وعلى أية حال ، لا بدّ من التنويه الى نقطةٍ مهمةٍ هي أن الآيات والروايات الدالّة على وجود سبع سماوات لا تدلّ بوجهٍ من الوجوه على صحة نظرية هيئة بطليموس القائمة على أن السماوات تتکون من أفلاک کطبقات قشر البصل ؛ إذ إن تلک النظرية تعتبر السماوات تسعة لا سبعة .أما فيما يتعلق بالأرضين السبع التي تعرض لها القرآن الکريم من باب الاشارة وتطرقت لها بعض الأحاديث بصراحة ، فهناک نظريات مشابهة للنظريات المذکورة في السماوات ، منها أن الرقم سبعة إنما ذکر للکثرة فحسب ، أو أنه يشير الى الطبقات المختلفة للأرض ، أو أن المراد منها هي الکواکب السبعة : عطارد ، الزهرة ، زحل ، الأرض ، المريخ ، المشتري والقمر ؛ أي کواکب المنظومة الشمسية المرئية بالنسبة لنا ( فثمة کواکب أخرى في المنظومة الشمسية بيد أنها لا ترى بالعين المجردة ).وبناء على هذا التفسير ، فالمراد من السماوات السبع هو الفضاء الموجود فوق کلّ واحدٍ من تلک الکواکب السبعة . وبعبارةٍ أخرى : يعتبر کل واحد من تلک الکواکب أرضاً ، والفضاء المحيط بها سماءً لها ، مع العلم أن السماء تعني الشيء العالي والسامي .هذا موجز لتفسير العلماء والمفسرين للسماوات السبع والأرضين السبع ، وأما الأدلة والقرائن التي نصبها کل واحدٍ لدعم النظرية التي يتبناها ، خاصة النظرية الأخيرة التي تبدو أقرب الى الواقع ، فهي ما يحتاج الى بسط الکلام بما لا يتسع له المجال هنا ، فيرجى مراجعة کتب التفسير لذلک الغرض .   

Writer:

135/ ما المقصود بخلق السموات والأرض في ستّة أيام ؟

135/ ما المقصود بخلق السموات والأرض في ستّة أيام ؟

الجواب :إن هذا السؤال يتضمن شقّين : الشقّ الأول : تعيين المراد من الستة أيام ، في حين ليس ثمة وجود لليوم والليلة في بداية الخلقة ؟والجواب عن هذا الشقّ من السؤال هو أن للفظ يوم معاني عدّة يتمّ تحديدها من خلال سياق الجملة الوارد فيها ، وعادةً ما يستعمل في معناه المشهور  المقابل ﻟ الليل ، وهو ما ورد کثيراً في القرآن الکريم ؛ لکنّه يستعمل أحياناً بمعنى العصر والعهد أي مرحلة زمنية خاصة ، بحيث لو کان لشيءٍ ما مراحل زمنية متعددة يطلق على کل واحدة منها لفظ يوم .فعلى سبيل المثال ، يقول الرجل المسنّ: يوماً کنت طفلاً صغيراً ، ويوماً کنت شاباً يافعاً ، واليوم أنا شيخ کبير ؛ فبما أن هذه المراحل الزمنية متسلسلة ومتصلة ببعضها البعض تسلسل حلقات السلسلة الواحدة يعبّر عن کل واحدة منها  بلفظ يوم .وقال الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : الدهر يومان : يوم لک ويوم عليک [نهج البلاغة: خ72 ] ، أي أن الانسان طيلة حياته يمرّ بمرحلتين مختلفتين : تارةً تسير الأمور لصالحه وأخرى على عکس ذلک .وعلى هذا الأساس ، فالمراد من ستة أيام في الآية الشريفة التي خلق الله فيها السموات والأرض ستة عصور ومراحل زمنية مختلفة مرّت بها السموات والأرض الى أن وصلت الى شکلها الفعلي ؛ أي إن هذا الوضع الفعلي للأرض والأجرام السماوية ناتج عن سلسلة من التحولات المتسلسلة التي مرّت بها ، وفي المحصلة وبعد قطع هذه المراحل ظهرت بصورتها الراهنة . ثم إن کل من هذه المراحل ربما تستغرق عشرة ملاين سنة أو عشرة مليارات أو غير ذلک .أما الشقّ الثاني من السؤال فهو : لماذا لم يخلق الله تعالى السموات والأرض في لحظةٍ واحدةٍ ، وجرى خلقها بشکل ٍ تدريجيٍّ ؟والجواب على ذلک : إن العالم الذي نعيش فيه هو عالم المادة ، والتکامل التدريجي من الآثار الملازمة للوجود المادي ، والأمور المادية بطبيعتها تتحول من صورةٍ الى أخرى وتنتقل من مرحلةٍ الى أخرى بمرور الزمن وتعاقب العصور ، وبالتالي تظهر بشکل حالةٍ متکاملةٍ ؛ والسموات والأرض غير مستثناة من هذا القانون .فاذا ما أخذتم أيّاً من الظواهر المادية بنظر الاعتبار فستلاحظون أنها تسلّقت سلّم التکامل تدريجياً ، فهذه النباتات والأشجار مثلاً تظهر بشکل أزهار وأشجار باسقة ومثمرة بعد مضيّ زمن ٍ معين ٍ ومرورها بمراحل عدّة ، وهکذا المعادن والثروات الطبيعية في باطن الأرض لا تظهر بشکلها النهائي إلا بعد حدوث تفاعلات کثيرة عليها ، وکذا الحيوان والانسان فما لم يقضيان مرحلة الجنين في رحم الأم لمدةٍ محددةٍ لا يستطيعان الوصول الى هذا العالم المترامي الأطراف . وهذا القانون سائد في جميع أرکان عالم المادة بلا استثناء .  

Writer:

134/ ما الداعي الى طلب الهداية الى الصراط المستقيم ؟

134/ ما الداعي الى طلب الهداية الى الصراط المستقيم ؟

الجواب : إن العالم برمّته – بما فيه من ظواهر مادّية ومعنوية – عرضة للتغيير والزوال ، وکما أن أساس نشوء ظاهرةٍ ما إنما يحصل في ظروفٍ خاصةٍ وهي معلولة لعلةٍ خاصةٍ ، فکذلک استمرار وجودها يتطلب توفر شروطٍ خاصةٍ من أجل البقاء ومقاومة الفناء .وموضوع الهداية الى الصراط المستقيم من هذا الباب أيضاً ، فان ديمومة الهداية للفرد أو المجتمع تتطلب شروطاً خاصةً ؛ وإلا فمن المحتمل أن يزيغ الفرد المهتدي عن جادّة الصواب مستقبلاً ، فيضلّ بعد إذ هُدي .بناء على هذا ، مهما کان الفرد أو المجتمع على درجةٍ عاليةٍ من الهداية ويتمتع بعقائد رصينة فان مستقبله غامض من هذه الناحية .ويجب عليه استثمار الوضع الراهن والتوجه الى بارئه بالتضرّع اليه في أن يتمّ نعمته عليه حتى آخر لحظةٍ في عمره ، وأن لا يسلبه إياها طيلة حياته .واذا ما قال المهتدي : اهدنا الصراط المستقيم ، فالقصد من ذلک : ثبّتنا على الصراط المستقيم ، وأدم تلک النعمة علينا .ولقد ضرب المفسر الکبير العلامة الطبرسي في تفسيره أمثلة على ذلک فقال : وهذا کما يقول القائل لغيره وهو يأکل : کل ، أي دم على الأکل [تفسير مجمع البيان :1/ 66]. 

Writer:

133/ هل الأديان الأخرى غير الاسلام على حقّ ؟

133/ هل الأديان الأخرى غير الاسلام على حقّ ؟

الجواب :ينبغي علينا أولاً التطرّق الى النصوص القرآنية المشار اليها کاملةً قبل بسط الکلام في معناها وتفسيرها ، وهي کما يلي : 1-      ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( [1] .2-         ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( [2].3-      ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَکُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى کُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( [3].يمکن التصور أول وهلة أن هذه الآيات الشريفة بصدد إثبات أن أتباع تلک الأديان يفلحون برضا الله جلّ وعلا إن هم حافظوا على إيمانهم بالله واليوم الآخر وواظبوا على أداء الأعمال الصالحة ، ما يعني أن أديانهم لم تنسخ بعد حتى مع مجيء الاسلام ، بل کل واحد منها يمثل سبيلاً الى الله تعالى ، وبوسع الانسان سلوک أي واحدٍ من تلک السبل المتعددة ليصل اليه تعالى ولا يتعين عليه اتبّاع شريعة بعينها کالاسلام مثلاً . هذا ما يکرره من لا يمتلک من القرآن إلا معلومات سطحية .لکن ينبغي الالتفات الى أن أساس تفسير آيةٍ ما لا يبتني على النظر اليها بمفردها وبمعزلٍ عن باقي الآيات القرآنية ، بل لا بدّ من الرجوع الى شأن نزول تلک الآية والأخذ بنظر الاعتبار الآيات السابقة والتالية لها ، بل يجب أخذ کافة الآيات القرآنية بالحسبان .واذا کان من الصحيح البقاء على الأديان السماوية السابقة للاسلام -ففضلاً عن لغوية تشريع دينٍ جديدٍ باسم الاسلام – تنتفي الغاية من إرسال النبي (ص) مکاتيب الى ملوک زمانه وأمراء عصره وبعث الرسل إليهم لدعوتهم الى الدين الاسلامي الحنيف ، معتبراً دينه ديناً عالمياً وشريعته شريعةً خاتمةً للشرائع .إن کتب النبي (ص) ودعواته المتواصلة وجهاد المسلمين المضني لأهل الکتاب في عصر النبي (ص) وبعده وما وصلنا من أحاديث مستفيضة عن أئمة أهل البيت (ع) في هذا المجال ، تکشف جميعاً عن أن ظهور الاسلام ختم ما قبله من الأديان ، ولم يعد هناک رسالة سوى الرسالة الاسلامية ونبوة غير نبوة النبي محمد (ص) .أما الآن فيجب استجلاء الهدف من نزول تلک الآيات القرآنية ، وهي في الحقيقة تبيّن حقيقتين ، الأولى إجمالية والأخرى تفصيلية :1- إن کان اليهود والنصارى يؤمنون بالله والقيامة حقاً ولا يراؤون في تدينهم ، يلزم عليهم الايمان بنبوة نبي الاسلام النبي محمد (ص) وفقاً لما جاء في کتبهم من توراة وإنجيل وغيرها ؛ لأنها بشّرت بظهوره وذکرت علامات ذلک حتى أنهم صاروا يعرفونه کما يعرفون أبناءهم [4].والطريف أن القرآن الکريم أوضح هذه الحقيقة في سورة المائدة قبل الآية المذکورة آنفاً فقال تعالى : ) قُلْ يَا أَهْلَ الْکِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ ( [5].فالمقصود باقامة هذه الکتب السماوية العمل بمحتوياتها ، وأحد محتوياتها نبوة النبي محمد (ص) ورسالته العالمية التي طالما ذکرها القرآن الکريم . ولو کان أولئک يؤمنون بالله واليوم الآخر بحقٍّ لکان عليهم الايمان بالرسالة النبوية التي تعتبر جزءً من التعاليم الالهية في کتب العهدين ، وفي هذه الحالة يصبحون من المسلمين بلا شک ويؤجرون على اتّباعهم تعاليم النبي (ص) .وباختصار: لا ينفکّ الايمان بالله تعالى واليوم الآخر عن الايمان بالکتب السماوية المساوق للايمان بنبوة خاتم الأنبياء الرسل ؛ ومن يؤمن بذلک يغدو مسلماً ولا يمکنه البقاء على المسيحية .2- مع الأخذ بنظر الاعتبار الآيات السابقة للآية المذکورة من سورة البقرة يتضح أن هذه الآية تتعلق بتلک الفئة من الناس الذين کانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر في عصر الأنبياء السالفين ويسيرون في ضوء تعاليمهم ، في مقابل من زاغ عن جادّة الصواب وأخذ بعبادة العجل حتى بلغت بهم الجرأة أن يقولوا للنبي موسى (ع) وبکل صراحة : ) يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ( [6] . ونتيجة لهذا السلوک الشائن شملهم الغضب الالهي فقال تعالى : ) وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْکَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِکَ بِأَنَّهُمْ کَانُوا يَکْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِکَ بِمَا عَصَوْا وَکَانُوا يَعْتَدُونَ ( [7].فلأجل أن يبين الله تعالى أن حساب من آمن بالله واليوم الآخر  وعمل صالحاً من أهل الکتاب يختلف عن غيرهم وأنهم لاخوف عليهم ولا هم يحزنون أنزل تلک الآيات على نبيه الکريم (ص) .وفي هذه الحالة لا تشمل الآيات الآنفة من يعيش في عصر الرسالة النبوية ، بل تقتصر على من تتوفر فيه الشروط المذکورة من أهل الکتاب ممن کان موجوداً قبل البعثة النبوية الشريفة .ومن ناحية أخرى فان شأن نزول الآية يلعب دوراً أکبر في معرفة المراد منها ؛ فبعد نزول القرآن وبعثة نبي الرحمة (ص) تساءل بعض المسلمين عن أجدادهم الذين کانوا يعتنقون ديناً آخر بعد أن علموا أن الاسلام هو الدين الحقّ وطريق النجاة الأوحد !هنالک نزلت هذه الآية الشريفة لتعلن أن من کان يؤمن بالله واليوم الآخر ونبي زمانه وعمل صالحاً هو من أهل النجاة والفلاح ولا بأس عليه .لما أسلم سلمان على يدي النبي (ص) تحدث له عن رفاقه من الرهبان في دير الموصل فقال له : کان جميع الرهبان هناک ينتظرون بعثتک لکنهم توفوا قبل وقوعها ، فقال له أحد الحاضرين في المجلس : أولئک من أهل النار . فاغتمّ سلمان من ذلک ، فنزلت تلک الآية الشريفة على النبي (ص) موضحةً أن من آمن بالأديان السابقة ايماناً حقيقياً لا خوف عليه من دخول النار ، وان لم يدرک عصر الرسالة النبوية .وباختصار : من عاش قبل الاسلام وآمن بالدين الموجود آنذاک ايماناً راسخاً سينجو من أهوال يوم القيامة ، وعليه لا تمتّ الآية بصلةٍ الى القول بأن أتباع کافة الأديان الأخرى سينجون يوم القيامة ، وهکذا تفسير يعکس مدى الجهل بمفاد هذه الآية والآيات الأخرى ذات الصلة . وبقطع النظر عن کل ذلک ، فان الآية الثالثة (الآية 17 من سورة الحج) لا ترتبط من قريب أو من بعيد بادعاءٍ کهذا ؛ فلا تدلّ على أکثر من أن الله تعالى يفصل بين أتباع الديانات المختلفة يوم القيامة ، ولا دلالة فيه على نجاة معتنقي جميع الأديان إذ ذاک [8].  ------------------------------------[1] البقرة :62.[2] المائدة :69.[3] الحج :17.[4] انظر : البقرة /146 والأنعام/ 20 .[5] المائدة :68.[6] البقرة: 55.[7] البقرة: 61. [8] لمزيد من الايضاح يرجى مراجعة التفسير الأمثل في کتاب الله المنزّل لسماحة آية الله العظمى مکارم الشيرازي . 

Writer:

132/  ألا يعدّ تشريع وجوب مساعدة الفقراء دالاً على لزوم وجود الفقر ؟

132/ ألا يعدّ تشريع وجوب مساعدة الفقراء دالاً على لزوم وجود الفقر ؟

الجواب :أولاً : أشير في الأحاديث المتعلقة بالحقوق الاسلامية کالزکاة مثلاً الى أن الفقر والفاقة ينعدمان في المجتمع الاسلامي المبتني على أسس سليمة وصحيحة ، واذا ما أدى الناس تلک الحقوق التي فرضها الله سبحانه وتعالى عليهم ما بقي من الفقر في المجتمع عين ولا أثر .قال الامام الصادق عليه السلام : لو أن الناس أدّوا زکاة أموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً ، ولاستغنى بما فرض الله له ، وأن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء .ويتضح من خلال التدقيق في هذه الفئة من الأحاديث أن الفقر إنما نشأ من جحود الأغنياء والموسرين للحقوق المفروضة عليهم .بناء على هذا ، اعتبر الاسلام الفقر ضرباً من ضروب والانحراف والشذوذ الناتج عن عدم التزام المجتمع بالواجبات الملقاة على عاتقه ، لا أنه يعتبره ضرورة أو ظاهرة اجتماعية ملازمة للنسيج الاجتماعي .ثانياً : لم ينشأ الاسلام -بداية ظهوره- في مجتمع سليم ، بل إنما نشأ في مجتمع عليل وزاخر بشتى ألوان التمييز والجور والتجاوز بکل ما للکلمة من معنى . لذا فقوانينه الوهاجة وتعاليمه السامية نزلت في تلک البيئة الموبوءة ، وکانت رسالته تتمثل بالنهوض بذلک المجتمع المنحطّ الى مجتمع مثاليّ . وبغية نيل ذلک الهدف المنشود کان عليه إعداد منهج يستطيع من خلاله استئصال الفقر والجوع تدريجياً ؛ لأنه کان متوغلاً الى أعماق المجتمع البشري آنذاک . فکان من اللازم القضاء عليه وفقاً لبرنامج اسلامي صحيح . ثالثاً : يبرز في کل مجتمع عدد من الانتهازيين والوصولييين الذين يحاولون المساس بکرامته وزعزعة أمنه . وللوقوف بوجه هؤلاء والحؤول دون تنفيذ مآربهم الخبيثة لا بد من الاتيان بمشروع والقيام ببرنامج في مواجهتهم . على سبيل المثال ، يوجد في الاسلام بل في کافة المجتمعات المتحضرة قوانين في القصاص والحدود وأنواع العقوبات لجرائم القتل والسرقة والزنا وما شاکل . أيستطيع أحد أن يستدل بوجود مثل هذه القوانين على ضرورة وجود القتل والسرقة والزنا وغيرها في هذا المجتمع ، وإلا غدا تشريع هذه القوانين لغواً ؟کلا ، فکل منصف يبرّر وجود هذه القوانين کما يلي : المجتمع المؤلف من أفراد مختلفين عن بعضهم البعض ولا يحکمهم نظام إجباري ، ربما يظهر فيه بعض المجرمين ومنتهکي القوانين ، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار نوع العقوبات التي ينبغي اتخاذها بحقهم .کما أن وجود الطبيب والدواء ليس دليلاً على لزوم وجود مريض في المجتمع ، بل الهدف منه علاج المرضى في حالة وجودهم . وکذا الحال في قضية مساعدة الفقراء والمساکين ، فالهدف من التخطيط لمساعدتهم لا يدل بالضرورة على وجود الفقراء في المجتمع ، بل مفهوم ذلک هو : إن وجد مثل هؤلاء الأفراد نتيجة إجحاف الآخرين بحقهم يجب المسارعة الى مدّ يد العون لهم وإنقاذهم ممّا هم فيه .بالاضافة الى ذلک ، يضمّ المجتمع عادة أفراداً يحتاجون الى الدعم والحماية کاليتيم وعائلة من استشهد في ميادين الجهاد والکهول من الرجال والنساء والعاطلين عن العمل وغيرهم ، فکل هؤلاء فقدوا القدرة على مواصلة الحياة بمفردهم ، ويجب تأمين مخارج حياتهم من بيت المال أو من مساعدات الموسرين ؛ لأنهم لا يکتنزون لأنفسهم شيئاً ولا يتمتعون بمزايا راتب تقاعدي ونحو ذلک مما يوفر لهم الحياة الکريمة .وعليه فالحديث عن مساعدة الفقراء في الاسلام يقع في هذا الاطار .

Writer:

131/ أتجب صلة الرحم على کل حال ؟

131/ أتجب صلة الرحم على کل حال ؟

الجواب :نحن نعلم أن الأسرة عبارة عن عن مجتمع مصغر ؛ فکما أن الروابط في المجتمع الکبير ذات تأثير واسع في رقيّ الانسان على الأصعدة المادية والمعنوية ، فان عمق الروابط في هذا المجتمع المصغر لا تقل تأثيراً عن سابقتها . وعلى هذا الأساس أولى الاسلام – وهو الدين الاجتماعي – موضوع صلة الرحم أهمية قصوى ، فجعله من الواجبات ، واعتبر قطع صلة الرحم من الکبائر .وحسبنا في هذا الموضوع تأکيد القرآن الکريم عليه في عدة مواضع من کلام الله المجيد ،مؤکداً أن الانسان يسأل يوم القيامة عن هذه الفريضة . قال تعالى : ) وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلَيْکُمْ رَقِيباً ((النساء: 1) . وعن أبي عبد الله (ع) أن رجلاً أتى النبي (ص) فقال : يا رسول الله ، أهل بيتي أبو إلاّ توثباً عليّ ، وقطيعة لي وشتيمة ، فأرفضهم ؟ قال : اذاً يرفضکم الله جميعاً . قال : فکيف أصنع ؟ قال : تصل من قطعک ، وتعطي من حرمک ، وتعفو عمّن ظلمک ، فانک اذا فعلت ذلک کان لک من الله عليهم ظهيراً (الکافي :2/ 150) .کما أکد النبي (ص) على أهمية هذا الموضوع في حديث آخر ، فعن أبي جعفر (ع) قال : قال رسول الله (ص) أوصي الشاهد من أمتي والغائب منهم ، ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء الى يوم القيامة ، أن يصل الرحم وإن کانت منه على مسيرة سنة ، فان ذلک من الدين (الکافي :2/ 151) .ولا شک في أن القيام بأي فريضة مشروط بعدم التفريط بما هو أهم منها ، وموضوع صلة الرحم غير مستثنى من هذا القانون .فاذا کان هذا الارتباط مع الأرحام الذين لا يبدون اهتماماً يذکر بالأحکام الدينية مؤدياً الى إعادة نظرهم في آرائهم وتصرفاتهم ، ومن ثم اتجاههم نحو رعاية الموازين الشرعية شيئاً فشيئاً ، ولا أقل من أن هذه العلقة لا تترک آثاراً سلبية على نفس الانسان ووضعه العائلي ، يلزم هنا المواظبة على صلة الرحم والقيام بهذه الفريضة الالهية .أما لو حصل العکس ، فبدلاً من أن يؤثر الانسان على أرحامه ، ربما يترک التواصل معهم أثراً سلبياً عليه أو على أحد أفراد أسرته کانشغافه بأفکارهم السلبية ، يتحتم عليه في هذه الصورة قطع العلاقة معهم مؤقتاً وعدم المخاطرة بحياته وسعادته ، فوجود الأهم يحول دون وجود المهم .

Writer:

130/ أيلزم ارتفاع سنّ الزواج بالنسبة الى الفتية والفتيات ؟

130/ أيلزم ارتفاع سنّ الزواج بالنسبة الى الفتية والفتيات ؟

الجواب : أولاً: إن البلوغ وسنّ زواج الفتيات والفتيان ليس أمراً وضعياً ليتسنى لنا وضع أطر خاصة له ، بل هو أمر طبيعي وفطري وخارج عن نطاق إرادتنا ؛ فکل فتاة أو فتى يصلون سنّ البلوغ في مرحلة خاصة من حياتهم ، وبذلک يفتح أمامهم فصل جديد من الحياة . إن کتاب الطبيعة حدد قبلنا بداية هذا الفصل ، ولن يتراجع عن ذلک قيد أنملة بقراراتنا وبياناتنا !يبدأ البلوغ لدى الانسان بحدوث تغيرات جسدية ونفسية کبيرة ؛ فيحدث تغير في الطول ، وتزداد القدرة الانسانية لدى الشخص البالغ ، ويتغير شکل أعضائه عما سبق ، وتزداد رغباته في العيش ، وتنمو لديه الغرائز الجنسية کنمو أزهار الربيع ؛ فيزداد احساسه بالحاجة الى الزوجة (أو الزوج للفتاة ) ، کما تکبر عظام بدنه ويحصل تغير ملحوظ في نبرة صوته .بناء على هذا ، فان کتاب الخلقة حدد ذلک بوضوح ، وإن أردنا الوقوف على الحقيقة فبدلاً من الرجوع الى هذا وذاک ما علينا إلا فتح کتاب الخلقة ومطالعة الصفحة المرتبطة بمرحلة البلوغ ونشوء الرغبة الجنسية ، بغية تحديد السنّ القانونية للزواج وفقاً لسنة الخلقة وقانونها ، وعلينا أن نبتعد عن کل ألوان التخيلات والسوفسطائية .وأما من أبى مطالعة کتاب الفطرة ودفتر الخلقة معتبراً أن مسألة البلوغ أمر وضعي ومتصوراً أن الحقائق تابعة للأفکار والوضع ، فهو بمثابة من أعلن حرباً على قانون الخلقة ، وسيهزم في نهاية المطاف ؛ لأن سنن الخلقة لا تتغير بمجرد کلام الغافلين عن أصول الخلقة . وکما أن نشوء الجنين وتکامله في الرحم يستغرق زهاء تسعة أشهر ، ومن يجتمع لسنّ قانون يلزم باستکمال الجنين مراحل نموه في رحم أمه في سنة کاملة کالعابث فيما لا يعنيه ، فان محاولة تغيير سنّ البلوغ – وهو من سنن الخلقة – لا تعدو عن الهراء .إن البيان الختامي للمؤتمر المذکور يشبه الى حدّ بعيد ما لو اجتمع أصحاب حقول الدواجن وقالوا : بما أن العالم اليوم يواجه أزمة اقتصادية في لحوم الدواجن ، يجب أن يفقس بيض الدجاج في مدة أقصاها عشرة أيام بدلاً من واحد وعشرين يوماً ، ليتضاعف إنتاج اللحوم في العالم ويسدّ حاجة المجتمع ! لما قال رسول الله (ص) :لا تعادوا الأيام فتعاديکم کان يقصد من ذلک : لا تحاربوا السنن الالهية للخلقة ؛ لأنکم لن تحصدوا إلا الخيبة والخسران .ثانياً: يجب ملاحظة جميع الجوانب أثناء تدوين القانون ؛ فمعدل سنّ البلوغ الجنسي في بلدنا هو 14 سنة للفتيات و16 سنة للفتيان ، حيث تنمو الغريزة الجنسية لديهم في هذه المرحلة . وعندما يرفع سنّ الزواج ما هو مصيرهم خلال مدة حرمانهم من الزواج ؟ فإما أن يلجأوا الى الممارسات اللا مشروعة التي ستجلب الويلات للمجتمع ؛ وإما أن يقاوموا هذه الغريزة مدة طويلة ، وعلى فرض استطاعة الجميع ذلک ، إلا أنها ستترک آثاراً وخيمة على حالاتهم النفسية .ثالثاً: أتعلمون أن الزواج يفجر الطاقات المکنونة ، فالمتأهلون يفکرون بطريقة أفضل من العازبين ، أما الشاب الذي يحترق بنار الشهوة ولا يجد وسيلة مشروعة لإطفائها فلا يتمکن من التفکير بصورة صحيحة ؟ تلک حقيقة اعترف بها بعض علماء النفس بعد أن أجروا تجارب کافية في هذا المجال . إن کان الهدف من رفع سنّ الزواج الحدّ من التضخم السکاني ، فطالما طرحت في هذا المجال حلول کثيرة ، ولا بأس لرفع هذه الأزمة الخانقة الالتزام بالطرق الصحيحية والعقلانية ، ولا يجب الالتجاء الى دفع الفاسد بالأفسد .  [1]. هذا السؤال يرتبط بزمن ما قبل الثورة الاسلامية . 

Writer:

129/ أنّى يتأتى العفو والقصاص ؟

129/ أنّى يتأتى العفو والقصاص ؟

الجواب : أولاً : النقطة المهمة في هذا الموضوع هي أن لتشريع القوانين أثراً اجتماعياً ونفسياً وإن لم تطبق على أرض الواقع ؛ فعلى سبيل المثال يکفي أن يشرع الاسلام لأولياء المقتول القصاص من القاتل ، فمن يرغب بإراقة دم شخص آخر يضع نصب عينيه حق القصاص الممنوح لأولياء المقتول ، فينصرف عن فکرة الانتقام حينما يشعر بخطر الاعدام .بناء على هذا ، فان نفس تشريع حق القصاص ذو أثر کبير على المجتمع ، ومن شأنه أن يحول دون القتل والانتقام ، وإن لم يطبق ذلک إلا في موارد محدودة ولم يستفد الناس منه إلا نادراً من الناحية العملية .وبعبارة أخرى : ضمان حياة البشر وبقاءهم وصمودهم إزاء التحديات يتمثل بالقدرة القانونية على القصاص لا الاقدام عليه ؛ لأن الشيء الذي بوسعه ردع المعتدي هو التفکير بأنه لو بادر الى الانتقام وأراق دم شخصٍ ما سيطالب أولياء دم المقتول بالقصاص منه ؛ وغالباً ما يحول ذلک دون تفکير المجرمين باقتراف جريمة القتل .بناء على هذا ، فان تشريع قانون القصاص وإعطاء الحق للمظلو م بالانتقام من الظالم ضامن لاستمرار الحياة وبقائها ، وسبب رئيس للتقليل من الجرائم ؛ لکن الاسلام لم يرغم أولياء الدم على الاستفادة من هذا الحق القانوني ، بل خيّرهم بين القصاص والعفو ؛ فان شاءوا اقتصوا من الجاني ، وإن شاءوا عفوا عنه وأخذوا الدية منه .إن الاسلام بتشريعه قانون القصاص والعفو استطاع بلوغ هدفين في آن واحد ؛ فمن جهة منح أولياء الدم حق القصاص والقدرة على الانتقام ، وبهذا وقف بوجه تکرار مثل تلک الحوادث الدموية . وإن لم يکن قد شرع مثل هذا الحق لهم لارتفعت نسبة الجرائم ولأصبح المجتمع البشري مهدداً بالمخاطر .ومن جهة أخرى ، لم يجبر أولياء الدم على القصاص ، بل منحهم خيار الاستفادة من هذا الحق القانوني بحيث لو اقتضت المصلحة أو لم يشاؤا الاقتصاص فلهم أن يمنوا على الجاني بالعفو عنه.والنتيجة : لو لم يشرع القصاص لما استتب الأمن والهدوء في المجتمع ، ولکانت الحياة الانسانية عرضة للمخاطر ؛ وإن لم يمنح ولي الدم الحرية في الاقتصاص أو عدمه لکان ذلک القانون ناقصاً . فربما تقتضي المصلحة أن يغضي ذو الحق عن حقه ويرجح العفو على الانتقام ؛ وفي هذه الحالة يکون تشريع قانون العفو مکملاً لحق القصاص .ثانياً : لا بد من الالتفات الى أن للقصاص موارد وللعفو موارد أيضاً ؛ فان کان الاقتصاص من الجاني يساعد على إحلال الأمن وديمومة حياة الآخرين ( بحيث لو أغضي عن القصاص تأصلت فکرة الاعتداء لدى الآخرين ) ففي هذه الحالة ينبغي على أولياء الدم الاستفادة من هذا الحق القانوني ؛ أما لو رأوا أن الجاني قد ندم على فعلته واقتضت المصلحة الاغضاء عن خطيئته ، ففي هذه الحالة عليهم أن يرجحوا العفو على القصاص . ولا يبدو أن تشخيص هذا عن ذاک بالأمر العسير .------------------([1]البقرة : 179 . [1]) آل عمران : 134.وقد ورد في القرآن الکريم آيات عديدة في مجال العفو ، لکن اکتفي بهذه الآية من باب الاختصار .

Writer:

81/ لماذا يحرم قراءة کتب الضلال؟

81/ لماذا يحرم قراءة کتب الضلال؟

لا شک في أن الاسلام دين العلم والتقدم , وقد شجع هذا الدين السماوي البشر على طلب العلم ونشره ؛ لأن تکامل وتقدم الفرد والمجتمع رهن بمدى استيعابهم للعلوم , لکن وفي نفس الوقت اهتم الاسلام اهتماماً بالغاً بنقطة مهمة , وهي أنه کما يجب المحافظة على المجتمع من الأخطار المادية المحيطة به کالأمراض المعدية , ينبغي صيانته من عناصر الانحراف الفکري والمعنوي أيضاً .في الحضارة المعاصرة يکون الناس أحراراً في تقبل أي أنواع العقائد والأفکار المنحرفة طالما لم تخلّ بالنظام المادي للمجتمع , لکن الموضوع في الاسلام ليس کذلک ؛ فالاسلام يرغب بإيجاد مجتمع ينتهج سبيل التکامل المعنوي والأخلاقي , ولا يتيسر هذا الأمر سوى بمحاربة  عناصر الانحراف الفکري والأخلاقي وعدم السماح لها بالسيطرة على حياة الناس .وبأخذ هذا المبدأ الأساسي بعين الاعتبار يتضح سبب تحريم ومنع الاسلام عن قراءة کتب الضلالة التي تسيء الى العقائد والأفکار الصحيحة وتلوث الأخلاق السليمة . واذا ما أبيح للجميع قراءة هذا النوع من الکتب فما هو الضامن لصيانة الناس لأفکارهم عن الانحراف ؟ لا ينبغي مطلقاً الاغضاء عن قدرة الايحاء والدعاية , فعسى أن يغير هذا النوع من الکتابات عبر الايحاء والدعاية مسار حياة الأفراد کلياً , وما أکثر الشباب الذين سقطوا في هاوية الفساد والانحراف الأخلاقي من جراء الکتب المنحرفة والروايات الغرامية والجنائية الخطرة .لهذا الأسباب لم يجز الاسلام نشر کتب الضلال في المجتمع , وجعلها في متناول أيدي الجميع ومطالعتها ؛ ولکن وبما أن الاسلام يحث على طلب العلم ويشجع التعليم , لم يحرّم مطالعة هذا القبيل من الکتب على العلماء والمفکرين الذين يمتلکون قدرة على تمييز الحق عن الباطل . ليس من حق العلماء مطالعة هذه الکتب فحسب ,بل يجب على علماء الاسلام مطالعتها ليتاح لهم التعرف على منطق المخالفين الوارد في هذه الکتب , ومن ثم الرد عليها رداً مناسباً , وکذلک ليتعرفوا على منطق وأسلوب تبليغ الأعداء ثم يحاولون محاربته بالطرق المناسبة .في التاريخ الاسلامي حدثت کثير من النقاشات والحوارات بين أئمة الدين وأتباع العقائد غير الاسلامية , وقد تصدى عدد من المؤلفين والباحثين لجمع هذا النوع من الحوارات کما فعل مؤلف کتاب الاحتجاج ( الطبرسي )(1) ؛ وهذا يمثل نموذجاً على أن تحريم قراءة کتب الضلالة والبدع في الاسلام لا يعني قتل حرية الفکر ومخالفة العلم , وقد أجاب الأئمة عن هذا النوع من العقائد عن طريق المنطق والبحث الحرّ النزيه , لا عن طريق خلق الاختناقات الفکرية والعقائدية . 1-  أحمد بن علي بن أبي طالب المتوفى عام 550 ق , طبع هذا الکتاب عدة مرات , وهو يبين زاوية من زوايا علوم أهل بيت النبي (ص) .  

Writer:

80/ النية والعمل

80/ النية والعمل

الجواب :هذا الحديث من الأحاديث المشهورة في الاسلام , وقد نقله محدثوا الشيعة والسنة على حدّ سواء [1].وقد فسر العلماء الحديث المذکور بتفاسير متفاوتة , ونحن ننقل إليکم ها هنا أکثر هذه التفاسير وضوحاً وسلاسة : إن نية المؤمن وعزمه خير من عمله دائماً ؛ فعساه أن لا يوفق لأداء عشر ما يرغب بأدائه , وهذا الموضوع ( الهمة العالية والنية الأوسع من العمل ) ذو تأثير مباشر على الايمان بالله تعالى . إن الفرد المؤمن بالعقاب الأخروي وحساب يوم القيامة ينجز أعماله على أتم وجه حتى لو لم يوفق إلا لإنجاز جزء يسير مما نوى فعله .وعلى العکس من ذلک , فان الفرد الکافر يمتلأ ذهنه بالأفکار الفاسدة ويعزم – دائماً – على ارتکاب کل منکر لافتقاره للايمان بالله تعالى والخوف الباطني من عقابه جل وعلا , لکنه ربما لا يستطيع تحقيق ما يصبو إليه لوجود سلسلة من العوائق الاجتماعية أو لافتقاره الى العُدد اللازمة لذلک ؛ وفي هذه الحالة تفوق نية ارتکاب الأعمال القبيحة ما يقوم به فعلاً في هذا المضمار , وعلى هذا الأساس قال النبي الأکرم (ص) : نية الکافر شرّ من عمله .إن ما قيل آنفاً هو مضمون حديث عن الامام الباقر(ع) في هذا الصدد , حيث يقول : نية المؤمن خير من عمله ؛ لأنه ينوي من الخير ما لا يدرکه , ونية الکافر شرّ من عمله ؛ وذلک لأن الکافر ينوي الشرّ ويأمل من الشر ما لا يدرکه [2] .1)راجعوا کتاب الکافي , ج2 , ص82 ؛ والمحجة البيضاء , ج8 , ص109 ؛واحياء العلوم للغزالي ؛ والجامع الصغير للسيوطي . 2) المحجة البيضاء , ج8 , ص110

Writer:

79/ لباس الاحرام

79/ لباس الاحرام

الجواب :إن مراسم الحج هي إحدى العبادات الجماعية التي ينبغي أداؤها بتجرد کامل وإخلاص منقطع النظير ؛ لذا يکتفى بارتداء قطعتين من القماش , ويمنع ارتداء الملابس المتداولة التي تبدي التمييز والاختلاف , بل التفاخر والامتياز أحياناً , ومن هذا المنطلق تطمح البشرية الى القضاء على عوامل التمييز والاستعلاء الموهومة .وبعبارة أخرى : يعتبر الحج أسمى مظاهر تساوي البشر أمام الباري جل وعلا ؛ ولهذا السبب يلزم تجنب استخدام کل أنواع الملابس المتداولة التي تبعث على التمييز والتفرقة , والاکتفاء بقطعتين طاهرتين من القماش البعيدة عن کل ألوان التفاوت والتمييز , والمساهمة في هذه المراسم العظيمة بزي موحد .

Writer:

78/ ما الغاية من دفع الجزية ؟

78/ ما الغاية من دفع الجزية ؟

الجواب : للاسلام فخر في عدم إکراه أحد على اتباعه کما ورد في الآية 256 من سورة البقرة : لا إکراه في الدين قد تبين الرشد من الغي والسر في ذلک واضح ؛ لأن الاسلام – ومنذ اليوم الأول – جعل دعوته الشاملة مبتنية على أساس المنطق والدليل , واعتمد في مقارعة الخرافات والأوهام على سلاح کشف الحقائق وتنوير الرأي العام , ومع امتلاکه هذا السلاح المقتدر الذي يستقطب الواعين والمتيقظين من الأمة , ماهي الحاجة الى استعمال الاکراه والاجبار ؟إن العقيدة الراسخة والايمان القوي بحاجة الى مقدمات ومبانٍ خاصة , وطالما لم يکونا قائمين على الادراک والبصيرة والاختيار يستحيل أن يثبتنا في قرارة القلب ؛ وان فرضتا بالقوة والاکراه لما تعدتا دائرة اللسان ولما نفذتا الى صميم القلب قطعاً , ولعادتا الى حالتهما الأولى بمجرد زوال عوامل الاجبار طبعاً .لا قيمة لايمان هکذا أفراد في الاسلام ؛ فالاسلام يروم تربية أفراد يظلون متمسکين بأصوله المقدسة حتى آخر نفس في وجودهم ولا يغفلون لحظة عنها , وهکذا ايمان لا يتيسر إلا بالمنطق والدليل القاطع وتنوير الأفکار ؛ وهدف الجهاد في الاسلام والوقوف بوجه هجوم الأعداء بحث مستقل .وأما الجزية فهي ضرائب يدفعها أهل الکتاب الى الدولة الاسلامية في کل عام , والهدف من تشريع مثل هذه الضرائب هي أن الدولة الاسلامية ملزمة بالحفاظ على أمن هؤلاء , حيث إن دولهم تدار من قبل المسلمين أو إنهم يعيشون في المجتمعات الاسلامية على شکل أقليات ؛ لذا فان الانصاف يقتضي أخذ ضرائب عادلة من کل فرد لم يدخل الاسلام وإنفاقها في طريق تأمين وسائل عيشه وحفظ روحه وماله .ولا يخفى أن قوات الجيش والحرس التي تنصبها الدولة الاسلامية في مختلف نقاط البلاد لحماية أموال أولئک وأرواحهم من أي أنواع التجاوز المحتملة تتطلب مزيداً من النفقات التي يقتصر توفيرها على جمعها من الناس أنفسهم ثم توفير الحماية لهم فيها , ولا سيما أن غير المسلمين لم يرسلوا أحداً من أتباعهم الى الحروب التي نشبت بين المسلمين وأعدائهم قط .إن الشواهد التاريخية تثبت أن المبالغ المتقاضاة من أهل المدينة لم تحمل عنوان الغرامة ولا وسيلة الضغط , بل الهدف إنفاقها في تأمين راحة أولئک , واليکم نماذج من ذلک :حينما دعا عبادة بن صامت قادة مصر وسائر الأقباط الى الدين الاسلامي قال لهم : الخيار لکم فان شئتم دخلتم الاسلام طوعاً , وإلا فادفعوا الجزية وابقوا في کنف الدولة الاسلامية , وسنتعامل معکم في کل عام بشکل يرضيکم ويرضينا ؛ نحن نتعاهد معکم للحفاظ على أرواحکم وممتلکاتکم وسنحارب کل من اعتدى عليکم !2- بعدما انتصر المسلمون في حربهم مع الروم , واحتلوا جزءً کبيراً من الشام , کان أهل حمص على استعداد لدفع الجزية ؛ ثم ارتأى المسلمون الغاء معاهدتهم مع نصارى حمص برضا الطرفين , لذا خطب قائد المسلمين هناک في حشد کبير منهم قائلاً :استردوا ما أعطيتمونا ولنصبح في حلّ من بيعتکم . فأجابه أهل حمص : کلا , نحن لا نفترق عنکم بتاتاً ؛ فان عدلکم وتقواکم يفوقان سلوک الروميين , نحن على أهبة الاستعداد – إن رضيتم – لمحاربة الجيش الرومي جنباً الى جنب مع القوات الاسلامية .3- وختاماً فان مقدار الجزية التي حددها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنصارى نجران تجلي الغبار عن الموضوع تماماً ؛ إذ اتفق آنذاک على أن يدفع أولئک بالتدريج وخلال مرحلتين ثلاثة آلاف حُلة , وکل حلة تعادل أربعين درهماً ؛ ألفين منها في شهر صفر والألف الباقي في شهر رجب , کما تصالح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أهل اذرح على أن يدفعوا مائة دينار سنوياً .ومن المسلم به أن هذا المقدار من الأموال لا يحوز على أهمية تذکر إزاء حفظ أرواحهم وأموالهم من مخاطر الأعداء .

Writer:

128/ ألا يوجد تنافٍ بين محاربة الفساد وحرية الانسان ؟

128/ ألا يوجد تنافٍ بين محاربة الفساد وحرية الانسان ؟

وبقطع النظر عن ذلک ، اذا ما قام جميع الناس بأداء هذا الواجب ألا يؤدي ذلک الى حدوث خلل في النظام الاجتماعي وبروز الفوضى والهرج والمرج ؟ الجواب: المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنکر اللذين يمثلان رکنين أساسيين من أرکان النظام الاجتماعي هو دعوة أفراد البشر الى الأفعال المحمودة والنافعة ، وصدهم عن الأفعال القبيحة ، ومقارعة مختلف ألوان الانحراف والشذوذ الاجتماعي والأخلاقي .وقبل کل شيء , لا بد من التأکد من أن تطبيق هذين الرکنين في المجتمع المتکون من أفراد متجانسين ومتحدين ومشترکين في مصير واحد ، هل هو في صالح المجتمع أم لا ؟ ومتى ما کان ذلک يعود بالنفع على المجتمع , وجب إذ ذاک رفع اليد عن الحرية الفردية واعتبارها مقيدة في هذا الاطار .کان نمط الحياة في العصور الخالية متقوماً بتجمعات صغيرة في کهوف الجبال والغابات , ولم يکن التآلف والتعاضد والترابط والتعاون الاجتماعي سائداً في تلک التجمعات .وفي مثل تلک الحياة التي لا يرتبط فيها مصير أفراد المجتمع ببعضهم البعض ، ربما لا توجد ضرورة لمکافحة الفساد والوقوف بوجه الانحراف والشذوذ .غير أن صيغة الحياة الجماعية الحالية ذات المصير المشترک تتطلب مقارعة الفساد ودعوة الناس الى فعل الخيرات ، ويغدو من المهام الخطير ة واللازمة ؛ لأن جميع أفراد المجتمع يظهرون في هذا الضرب من الحياة بمظهر أفراد العائلة الواحدة ، ويصبح الارتباط فيما بينهم وثيقاً جداً الى درجة عدم القدرة على اعتبار أي واحد منهم فرداً مستقلاً وافتراض أنه بمنأى عن نتائج أعمالهم الصالحة والطالحة .في مثل هذا المجتمع يکون جميع الأفراد شرکاء في السراء والضراء ، وربما يؤثر عمل فرد واحد على جميع الأفراد . وهنا لا يتسنى لأي أحد – مهما تصور أنه بعيد عن المجتمع –  أن يقف متفرجاً على المشهد الذي يحدث معتبراً أنه بمعزل عما يحدث من فوائد وأضرار ؛ وبالنظر الى هذا الارتباط الوثيق ، لو تعرض جسد المجتمع الى ضربة اقتصادية أو ثقافية من جراء أعمال بعض الأفراد تأثر المجتمع برمته بذلک .إن الشذوذ  ألأخلاقي يشبه المرض المعدي الذي يسري الى الآخرين شاءوا أم أبوا ؛ فاذا ما ظهر ميکروب في نقطة ما وجب البدء بمکافحته فوراً ، ومنع اختلاط الناس بالمصابين به ، وإلا انتشر في جميع بقاع البلاد .وهکذا الحال بالنسبة الى الشذوذ الأخلاقي والاجتماعي وکل ضروب الاصابة الفکرية والنفسية ، حيث تسري کالبرق الخاطف الى جميع أرکان المجتمع وتتسبب في ابتلاء الجميع .افترضوا أن شخصاً جعل من بيته وکراً للفساد والرذيلة وفتحه أمام ذوي النفوس الضعيفة ، ففي هذه الحالة هل يمکن تصور المحافظة على الفتيان والفتيات في تلک المنطقة من الانزلاق وهم يشاهدون کل يوم اختلاف الشاذين الى الوکر المذکور ؟ أم أن الشهوة الجامحة لدى الشباب تجرفهم صوب الشذوذ ، فتتسع رقعة الفساد يوماً فيوماً ويزداد رواد سوق الفساد شيئاً فشيئاً !وهنا يمکن القول : إن تطبيق مبدأ محاربة الشذوذ الأخلاقي والاجتماعي ضامن للسعادة الاجتماعية بحيث يعيش جميع أفراد المجتمع جنباً الى جنب ؛ والسکوت إزاء المعاصي والمفاسد خطأ وذنب کبير ، إذ يتعذر الفصل بين الفرد والمجتمع . وفي الحقيقة يعتبر الشخص المحارب مدافعاً عن حقوقه الشخصية وعن المجتمع الذي يعيش فيه ؛ ولا ينبغي أن يکون مبدأ الحرية الفردية ذريعة للتنصل عن واجباتنا الانسانية ، بل علينا الايمان بأن الحرية الفردية محترمة طالما لم تؤدّ الى سلب حريات الآخرين وتهديد مصالح المجتمع .وقد أشار القرآن الکريم الذي يتسم بالرؤية الواقعية الى هذه الحقيقة قائلاً : (واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منکم خاصة) [1].هذا وقد سأل أحد الصحابة النبي (ص) بنفس هذا السؤال ، فضرب له النبي (ص) مثلاً ليستوعب الاجابة ، وفيما يلي خلاصة ما ذکره النبي (ص):مجتمعنا کسفينة کبيرة تحمل البضائع والمسافرين في نفس الوقت ، وکل واحد من هؤلاء المسافرين حرّ ومختار فيما يفعل طيلة الطريق ، لکن ليس من حقه خرق السفينة بحجة الحرية الفردية ثم توجيه ذلک بالقول : تصرفت بالنقطة التي تقع تحت قدميّ من السفينة ، فان هذا الجواب لا يقبل منه ؛ لأنه لم يعرّض نفسه فقط للخطر ، بل عرّض سلامة جميع المسافرين والبضائع التجارية الى الخطر ، وجعل الجميع عرضة للغرق والتلف .إن مجتمعنا أيضاً کالسفينة ، ورکابها أفراد المجتمع ؛ فهم شرکاء في السراء والضراء ويستحيل الفصل بين مصيرهم. إن نهج الاسلام فيما يتعلق باحترام حرية الأفراد يتفاوت تفاوتاً حقيقياً مع المنهج المتبع في المدارس الأخرى في العالم ؛ فالحرية التي ينادي بها العالم اليوم محترمة بنظرهم ما لم يتوجه من الفرد ضرر الى المجتمع وما لم يهدد مصالحهم ، حتى لو آل به المطاف الى الاضرار بنفسه والقضاء على سعادته .غير أن الحرية الفردية في الاسلام محترمة طالما لم تؤدّ الى مزاحمة الآخرين والتأثير السلبي على المجتمع أيضاً ، وکذلک شريطة أن لاتوجه ضربة الى سعادة الفرد نفسه أو توجب بؤسه وشقاءه .فعلى سبيل المثال ، يروج في عالمنا الراهن النزوع الى عبادة الأصنام وغيرها من الموجودات الأخرى ، ولا يمانع العالم الغربي من ذلک تحت غطاء الحرية الفکرية ، بينما يرفض الاسلام مثل هذه الأعمال التي تجرّ الانسان الى الانحطاط والسقوط في الهاوية رفضاً باتاً وتحاربها بشتى الوسائل والسبل المتاحة .إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر ذو مراتب ودرجات ، فما يرتبط منه بالناس هو وعظ الاخوان في دين باللسان العذب ونصحهم بالبيان المؤثر ، وتحذيرهم من عواقب المعصية الوخيمة ؛ وبوسعه قطع علاقاته معهم اذا ما احتمل تأثير ذلک عليهم تأثيراً ايجابياً .إن هذا النوع من مقارعة الفساد والاشراف العام لا يفضي الى الهرج والمرج قطعاً ؛ وأما المراتب الأعلى من ذلک کاجراء الحدود الالهية على المذنبين فيجب أن تتم تحت إشراف الحکومة الاسلامية کما في زمن النبي (ص)، ولا يحق لفرد من الأفراد إجراء ذلک لوحده ومن عند نفسه . [1]. الأنفال 8: 25. 

Writer:

127/ کيف حصل زواج وُلد آدم ؟

127/ کيف حصل زواج وُلد آدم ؟

الجواب: هناک نظريتان في هذا المجال ، ويستدل لکل منهما بأدلة من القرآن والسنة. وفيما يلي ملخص لهاتين النظريتين :1- في تلک الحقبة الزمنية لم يکن الله تعالى قد شرّع تحريم الزواج بين الأخوة والأخوات ؛ وبما أنه لم يکن هناک طريق لبقاء الأجيال البشرية غير هذا الطريق الوحيد ؛لذا تزوج بعضهم ببعض. ومن المعلوم أن الجهاز التشريعي بيد الله تعالى : (إن الحکم إلا لله) [1]، فما الذي يمنع من إباحة هذا النوع من الزواج لفئة معينة عند الضرورة في ذلک العصر، ثم يحرم تحريماً أبدياً على الآخرين؟استدل أتباع هذه النظرية على قولهم من ظواهر القرآن الکريم : (وبثّ منهما رجالاً کثيراً ونساءً)[2]، فظاهر هذه اللآية يؤکد أن نسل البشر إنما حصل عن طريق آدم وحواء فقط، ولو کان غيرهما دخيلاً في بقاء ذلک النسل لکان عليه أن يقول: وبثّ منهما ومن غيرهما .بالاضافة الى ذلک، ثمة رواية عن الامام السجاد (ع) في کتاب الاحتجاج للمرحوم الطبرسي تؤيد هذا الرأي.2- بالنظر الى استحالة زواج أبناء آدم من بعضهم البعض، من حيث إن الزواج من المحارم عمل قبيح ومذموم ، تزوج أولاد آدم من بنات من نسل آخر کان موجوداً على سطح الکرة الأرضية آنذاک، فصار أبناؤهم أبناء عمومة وتزوجوا فيما بينهم .هذا الرأي مؤيد ببعض الروايات أيضاً ؛ لأن نسل آدم لم يکن أول نسل يسکن الکرة الأرضية ، بل سبقه غيره من الأجيال.ومجمل الکلام هو : ربما يقال: تزوج أبناء آدم من بقايا البشر الذين سبقوا خلق آدم وحواء ؛ إذ يکشف الحوار الذي دار بين الملائکة والباري جل وعلا حول خلقة آدم وجعله خليفة في الأرض عن وجود بشر على سطح الکرة الأرضية قبل ذلک الأوان ،وهو ما يستفاد من الروايات أيضاً. [1]. سورة يوسف 12: 40 .[1]. سورة النساء 4: 1 . 

Writer:

126/ ما سرّ حکم الامام علي (ع) في هذه القضية ؟

126/ ما سرّ حکم الامام علي (ع) في هذه القضية ؟

وحينئذ أعطى الأول نصف العدد (9 جمال) والثاني ثلثه (6جمال) والثالث تسعه (جملين) ، وبقي لديه جمل واحد وهو في الحقيقة ذلک الجمل الذي أعطاه من ماله الخاص. وهذا يعني أنه أعطى کل واحد من أولئک أکثر من السهم الذي کان يطلبه ؛ لأنهم کانوا يريدون سهامهم من 17 جملاً ، والامام (ع) أعطاهم تلک السهام من مجموع 18 جملاً . ما استدعى قبولهم بقضائه وأخذ سهامهم المقررة وبقاء البعير الاضافي المتعلق بالامام نرجو من سماحتکم أن تبينوا لنا الاضافة التي حصلت في الأسهم ،من أين أتت ولمن هي ؟  الجواب: النقطة التي تسترعي الانتباه هنا هي السهام التي طلبها الأشخاص الثلاثة في کونها أقل من مجموع المال؛ أي إن جمعنا النصف مع الثلث مع التسع تنتج لنا أقل من عدد حقيقي کامل . بناء على هذا ، يجب القول: إن هؤلاء الثلاثة کانوا يدعون ملکية أقل من الجمال السبعة عشر الموجودة لديهم ، بدليل أن مجموع سهامهم (1/2+ 1/3+ 1/9) أقل من مجموع المال.ولمزيد من الايضاح نقول: مجموع السهام الموجودة ضمن مال محدد تساوي أصل ذلک المال؛ وبعبارة أخرى: اذا بلغ سهام شرکةٍ ما مائة سهم مثلاً، فان مجموع سهام الشرکاء سيساوي مائة سهم حتماً.وفي القضية المتنازع فيها لم يشأ المتنازعون تقسيم العدد 17 بنسبة النصف والثلث والتسع ، بل کان الشخص الأول مدعياً لنصف تلک الجمال والثاني لثلثها والثالث لتسعها ؛ أي کل واحد منهم يعتبر سهمه مکافئاً للکسر الذي ذکره ، في حين أن مجموع تلک الکسور لا يساوي عدداً صحيحاً [1]. لکن الامام (ع) وزع بينهم ذلک المقدار المتبقي حسب نسبة کل واحد منهم ، فمنشأ حصول کل منهم على ما يزيد عن سهمه بقليل هو تقسيم الامام للمتبقي من الکسر فيما بينهم واضافته لسهامهم .لکن يبقى السؤال التالي يدور في الذهن: کيف وزع الامام (ع) المقدار المتبقي بينهم وهم لا يدعونه ؟ إن سرّ ذلک يکمن في أن کل مال يقع تحت تصرف شخص واحد أو عدة أشخاص يکون ملکاً لهم إلا اذا دل دليل على خلاف ذلک ، هذا وفقاً للقوانين الاسلامية. اذن، المتبقي من المال ملکهم في الحقيقة ، بيد أنهم يجهلون أن مجموع سهامهم أقل من مجموع المال. وبعبارة أخرى: هؤلاء الثلاثة کانوا على يقين بأن الجمال السبعة عشر کلها لهم ولا يشارکهم فيها شخص رابع ، وکانوا يرغبون بتوزيعها بينهم بنسبة 1/2 و1/3 و1/9 وخفي عليهم أن هذه السهام أقل من مجموع المال ؛ ولذا فان الامام (ع) ومن خلال هذا الابتکار الجذاب – وهو اضافة بعير من عنده من أجل توفير عدد يقبل القسمة الى الکسور المذکورة – حل مشکلتهم ووزع المتبقي من أصل السهام بينهم کل حسب نسبته ،وفضل بعيره ، وهذا الابتکار المؤدي الى سرعة الانتقال وسهولة التقسيم في غاية الطرافة حقاً. [1]. مجموع سهامهم يساوي 17/18 وذلک لأن 1/2+ 1/3+ 1/9= 17/18، ومجموع المال يساوي العدد 1 وبعبارة أخرى 18/18 ؛ واذا ما طرحنا مجموع السهام من مجموع المال يتبقى جزءمن ثمانية عشر جزء 18/18- 17/18= 1/18 .

Writer:

125/ لمَ لا تمثل الساعة 12الظهر الشرعي دائماً؟

125/ لمَ لا تمثل الساعة 12الظهر الشرعي دائماً؟

الجواب([1]): نعلم أن الأرض تدور في مدار بيضوي حول الشمس، وخلال مدة عام واحد تتدرج حول هذا الشکل البيضوي؛ وعليه فالمسافة بين الأرض والشمس ليست على نسق واحد، فالنقطة التي تکون الأرض فيها أبعد ما يمکن عن الشمس تسمى الذروة والنقطة التي تکون أقرب ما يکون منها تسمى الحضيض . وطبقاً لقانون الجاذبية العام عندما تتحرک الأرض من الذروة الى الحضيض تزداد سرعتها شيئاً فشيئاً، وبالعکس لما تتحرک من الحضيض صوب الذروة تتباطء في سرعتها رويداً رويداً.بناء على هذا، فان حرکة الأرض حول الشمس ليست على وتيرة واحدة على العکس من حرکة عقارب الساعة التي تتحرک بانتظام. وعلى هذا الأساس لا يمکن لهاتين الحرکتين أن تتوافقا وتتواءما ؛ لذا لو نظرنا الى الساعة تزامناً مع الظهرالحقيقي (أي عندما يصل قرص الشمس الى نصف النهار) نجد إما أنها اجتازت الساعة 12 بقليل أو بقيت بضعة دقائق لبلوغها إياه. ويطلق على مثل هذه الساعات بالساعات الوسطية.لکن الاختلاف بين الساعات الوسطية والساعات الحقيقية يبرز ظهر يوم 22 بهمن؛ وبعبارة أخرى: يحل الظهر الحقيقي في يوم 22 بهمن (11شباط/ فبراير) بعد الساعة 12 بمقدار 14 دقيقة و30 ثانية. وعلى العکس منه ما يحصل في 12 آبان (3تشرين الثاني/ نوفمبر) حيث يحل الظهر الحقيقي قبل الساعة 12 ﺑ 16 دقيقة و24 ثانية ،وهذا ما يقرب في الرسائل العملية فيقال: يحل الأذان قبل أو بعد الساعة 12 بربع ساعة.وفي جميع أيام السنة يوجد هذا الاختلاف بين الساعة الحقيقية والساعة الوسطية ؛لذا نلحظ في التقاويم الدقيقة حقلاً يحمل عنوان الساعات الوسطية يسجل فيه مقدار الاختلاف لکل يوم.وبدهي أن هذا الاختلاف يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لطلوع الشمس وغروبها کذلک. لکنه يصل الى الصفر في أربعة أيام على مدار السنة الواحدة.إيضاح آخر: افترضوا أننا وضعنا آلة تصويرعلى مکان من سطح نصف النهار وکانت تحتوي على ساعة دقيقة، ففي هذه الحالة يحل الظهر الحقيقي حينما يصبح مرکز الشمس على مرکز تلک الآلة؛ واذا ما لاحظنا ساعتنا آنذاک لرأينا أنها إما متقدمة على الساعة 12 أو متأخرة عنها بقليل، باستثناء تلک الأيام الأربعة المشار اليها، فبمجرد أن تشير الساعة الى 12 في کل منها يصبح مرکز الشمس واقعاً مقابل مرکز عدسة الآلة الموضوعة على نصف النهار.([1]) الجواب للأستاذ السيد محمد باقر هيوي. 

Writer:

77/ لماذا يکون الکافر نجساً ؟

77/ لماذا يکون الکافر نجساً ؟

بدهي أن الاجابة بأنه ربما تؤدي معاشرتهم الى الانحراف الفکري , أو قد يضلوا المسلم بالنقاش والحوار والسفسطة , أو يمکن لفت نظر غير المسلم الى الاسلام عن طريق المقاطعة خاطئة , وينبغي وضع هذا الجواب جانباً ؛ لأن الاسلام دين الانفتاح الفکري والمفکرين لا دين الانغلاق والانزواء .الجواب :صحيح أن الدين الاسلامي دين الانفتاح الفکري والمفکرين لا الانغلاق والانزواء , لکن لو کان المراد أن الاسلام يتعلق بفئة خاصة فهذا مرفوض قطعاً , والاسلام دين جميع أفراد البشر ؛ واذا کان المقصود أن المفکرين ومن له إلمام بتعاليم الاسلام السامية يستفيدون أکثر من غيرهم فهو کذلک , لکن هذا لا يدل على ألا يقوم الاسلام برعاية حال ذوي المعلومات المحدودة والأميين وعدم شمولهم بقوانينه .إن نجاسة الکفار – کما قلنا سابقاً – نوع من النجاسة المعنوية والقذارة الباطنية طبعاً , حيث تظهر آثار ذلک في أجسامهم أيضاً ؛ وإحدى فوائد ذلک المحافظة على عقائد الکثير من الناس الذين سرعان ما يقعون تحت تأثير المنحرفين والضالين من الکفار بعد معاشرتهم , وليس هذا الموضوع جديداً إذ يوصي المصلحون رعاع الناس بتجنب معاشرة المنحرفين والضالين دائماً ؛ لکن الاسلام طرح هذا الموضوع على شکل نجاسة الکفار .من جهة أخرى نلاحظ أن الاسلام أجاز العلاقات التجارية والاقتصادية وغيرها مع الکفار ضمن شروط محددة ,بيد أنه رفض صحبتهم ومعاشرتهم ؛ وهذا يعني أنه أراد الاستفادة من مصالحهم والبقاء بعيداً عن الأضرار العقائدية والاخلاقية المحتملة لکثير من الناس الملازمة لمعاشرتهم والاختلاط بهم .ولا ينبغي أن يفهم من ذلک خطأ أننا نجيز معاشرة الکفار للمفکرين والنخبة الذين يرون أنهم في مأمن من الانحراف والضلال حتى لو عاشروهم , وأنهم مستثنون من هذا الحکم ؛ کلا , فليست أحکام الاسلام ذات طابع خاص , بل يجب أن تکون شاملة وعامة کي يتسنى المحافظة على حدودها ؛ وإلا أمکن لأي شخص الادعاء بأنه من أهل العلم والطبقة المثقفة ولا تؤثر فيه صحبة الکفار ومعاشرتهم مما يؤدي الى هتک حرمة هذا القانون .(تأملوا) وبغض النظر عن ذلک , فان جميع الکفار لا يتورعون عن أغلب القذارات والنجاسات نحو الدم ولحم الخنزير والمشروبات الکحولية , فتکون حياتهم مليئة بالدرن والأقذار طبعاً ؛ وللابتعاد عن هذه الأقذار عدّ الاسلام الکفار أنجاساً للمحافظة على طهارة المسلمين وصيانتهم من کل أنواع التلوث المحتملة .

Writer:

76/ أضرار لحم الخنزير

76/ أضرار لحم الخنزير

الجواب :هناک حقيقة أضحت اليوم ثابتة وهي أن تناول لحم الخنزير أخطر مما نتصور بکثير ؛ فثمة مخاطر جمة تحيط بمستخدميه من الناحية الاخلاقية (عن طريق الهرمونات ) ومن الناحية الصحية أيضاً .سنشير هنا الى أحد الأضرار المترتبة على تناول لحم الخنزير فقط , وهو أحد الأمراض الخاصة المسمى ﺒ تريشينوزيس أو مرض دودة الخنزير , والطريف أن ما ستقرؤنه ذيلاً ترجمة لمقالة من أحد المصادر العلمية الأمريکية قام الدکتور محمد غفراني بارسالها إلينا .مرض خطير ناتج عن لحم الخنزير :استلمت أغلب المنظمات الصحية تقارير من الأطباء تتحدث عن مرضى مصابين بما يسمى بمرض تريشينوزيس , وتنقل هذه التقارير أن هذا المرض أخذ طابعاً وبائياً الى حد ما ؛ أي أنه منتشر في المجتمع على مدى واسع يفوق الحد المتعارف .تريشينوزيس أو مرض دودة الخنزير هو مرض طفيلي ناشيء عن دودة صغيرة ذات شکل شعري من صنف الديدان المستديرة ؛ تقضي هذه الدودة فترة حياتها في بدن الخنزير وبعض الحيوانات الأخرى , وعلى الرغم من أن جميع الثدييات يمکن أن تبتلى بهذا المرض حينما تتناول لحم الخنزير الحاوي لتلک الديدان , لکن حساسية الانسان في هذا المجال أکثر من غيره بکثير , فعلى سبيل المثال عندما يتناول الدب أجزاء من بدن الخنزير نظير الأمعاء يصاب بالمرض بکل سهولة , ولو أکل الانسان لحم هذا الدب لابتلي بدوره بهذا المرض أيضاً .يصاب الانسان بهذا المرض عادة من جراء تناول لحم الخنزير غير المطهو بشکل کامل , ولا يستطيع أحد أن يزعم أن لحم الخنزير الذي يتناوله مطهو بشکل کامل ؛ لأننا نلاحظ موارد عديدة من الاصابة بهذا المرض ناشئة من تناول لحم الخنزير الذي سبق وأن طهي بأدوات حديثة بشکل يورث الاطمئنان ظاهراً , وقد أشار کاتب المقال في ختام مقاله الى هذا الموضوع .(تنويه للمترجم ) تشير الدراسات الى أن عدداً قليلاً من مجموع 25 مليون شخص نشأت هذه الديدان في بدنه تظهر عليه أعراض المرض بشکل بارز وسريري , وثمة آلاف الاصابات الأخرى ظلت خافية عن أعين الأطباء !کما يتوقع أن 16000 شخص فقط من مجموع 25 مليون آخر ثبتت إصابته استناداً الى ظهور هذه الديدان في عضلات بدنه وخاصة في الحجاب الحاجز اکتشفت إصابته بشکل محدد في المستشفيات , وقد توفي 5 % من هؤلاء نتيجة شدة الاصابة .

Writer:

75/ لماذا يحرم أولاد الزنا من بعض المناصب ؟

75/ لماذا يحرم أولاد الزنا من بعض المناصب ؟

کيف يمکن أن يتعرض شخص ما للتوبيخ والتعنيف بهذا المقدار على ذنب لم يقترفه , بل اقترفه والداه , وکيف يحرم السعادة ويمنع من التصدي للمناصب الاجتماعية المرموقة ؟بالاضافة الى ذلک يقول البعض : لا يشم هؤلاء الأبناء ريح الجنة , ولا تفتح لهم السعادة أبوابها ؛ هل يصح هذا الحديث مع أننا نعلم بأن الله حکيم , ولا يحاسب أحداً بذنب غيره : ولا تزر وازرة وزر  أخرى ؟الجواب :قبل التطرق الى أصل الجواب , يجب الاشارة الى عدد من النقاط التي تشکل العمود الفقري لهذا البحث , ثم نستنتج منها الجواب .1- انطلاقاً من أن العلاقات غير المشروعة تنسف الارتباط الحقوقي والعلاقة المالية بين الأب وابنه , لذا فانها تستأصل النسبة بينهما وتقضي على العواطف العائلية التي تعتبر أساساً في تشکيل المجتمع ؛ من جهة أخرى فان الزانية لا تعلم من أي الرجال صارت حاملاً , وابن الزنا لا يعرف أباه وأرحامه ؛ وعلى العموم تنشأ من الزنا الکثير من السلبيات الاخلاقية والنفسية والاجتماعية والتربوية والعائلية والمالية والعاطفية , کل ذلک أدى الى أن يقوم الأنبياء والمشرعون الالهيون والمشرعون الوضعيون کذلک بتحريم الأعمال المنافية للعفة ومنع العلاقات الجنسية غير الشرعية وعدّها غير قانونية .2- بما أن هناک قوانين وضوابط للزواج في کل مجتمع وأمة ؛ لذا تعتبر العلاقات غير الشرعية عملاً مخالفاً للقانون وعملاً عدائياً , وعلى هذا الأساس يتملک الزناة شعور بنوع من الذنب والاضطراب ناشئ من روح الاذناب والنتائج السلبية التي ربما تترتب على هذا العمل .وکلما خفت حالة القلق والاضطراب لدى الانسان من جراء تکرار الذنب أو نتيجة لعوامل أخرى ؛ فلم يشعر الزاني بتأنيب الضمير , وجد في باطنه عيب مهم يتمثل بفکرة التجري والتجاوز والتعدي على القانون والطغيان .3- تنتقل حالات الأبوين الفکرية والنفسية – کسائر آثارهم الجسدية – الى الأبناء طبقاً لقانون الوراثة , فکما تنتقل الصفات الجسدية للأبوين من قبيل لون العينين , سواد الشعر , اتصال الحاجبين والقيافة الظاهرية الى أبنائهما بشکل من الأشکال عن طريق الوراثة , فان حالاتهم النفسية والأخلاقية من قبيل حدة المزاج , البساطة , الاخلاص , العنف , العصيان ونظائرها تنتقل بالوراثة الى أبنائهم .وفي الحقيقة تشکل الوراثة أساساً لمستقبل الأفراد وقسماً مهماً من شخصية الانسان , وتهيء الأرضية لسعادته وشقائه .وعلى هذا يمکن أن نستنتج مما ذکر ما يلي : غالباً ما يرث أبناء الزنا من آبائهم روح الطغيان والتجري ومخالفة القانون والمعصية , فتکون الأرضية لديهم مهيأة لاقتراف الذنوب وارتکاب الجرائم أکثر من غيرهم ؛ لذا فان سوء التعليم الفردي والبيئة غير المناسبة کافيان في إظهار حقيقة أرواحهم المضطربة المماثلة لنار تحت الرماد , مما يؤدي الى إحراق حياتهم وتبديد سعادتهم .أما ما يتعلق بحرمانهم من المناصب الاجتماعية – فضلاً عما ذکر آنفاً من حالاتهم النفسية – فان هذا العمل يعدّ نوعاً من الاحتياط المنطقي في سبيل حفظ المصالح العامة للمجتمع , حيث إن الاسلام يولي أهمية کبيرة للتصدي لهکذا مناصب اجتماعية خطيرة ؛ لذا حرم من يمتلک نقاط ضعف عائلية وله تاريخ غير مشرف من التصدي لها کونها بحاجة الى طهارة الروح .لکن مع ذلک لا ينبغي التصور خطأ أن الولادة غير الشرعية علة تامة للانحراف والشقاء , فهذا لا يعني سلب إرادة ذلک الولد واختياره لقبول التربية والتعليم الاسلامي الصحيح بشکل کامل وتطبيق الأوامر الصحيحة للحياة ليصبح من أهل السعادة .أبناء الزنا أحرار في اختيار طريق السعادة أو الشقاء شأنهم في ذلک شأن الأبناء الطبيعيين والقانونيين ؛ فأولئک قادرون أيضاً على انتخاب طريق التقوى والفضيلة بارادتهم للصيرورة من أهل الجنة . هؤلاء ليسوا أشراراً وجناة بالفطرة , وليسوا کما يقال : لا يستطيعون إنقاذ أنفسهم من براثن القذارة والخطيئة , بل کما قال الامام الصادق (عليه السلام) : إن ولد الزنا يستعمل فان عمل خيراً جزي به , وان عمل شراً جزي به .بالرغم من أن الطبع الجامح لأبناء الزنا وارتباطهم الوثيق بالذنب ومخالفة القانون يضاعف من المسؤولية الملقاة على عاتقهم في مقارعة المعاصي , إلا أنهم لو أطاعوا أوامر الله واتبعوا سنن الحياة الصحيحة خلافاً لميلهم الباطني سيکون ثوابهم أفضل من غيرهم انطلاقاً من الحديث القائل : أفضل الأعمال أحمزها .بناء على هذا , لم يأت التعنيف والتقريع من الاسلام بحق أبناء الزنا إلا لتحذيرهم من أنهم في وضع حرج ويجب عليهم الاحتراس في أداء واجباتهم والابتعاد عن المعاصي , لا أن التربية والتعليم غير مجدٍ بحقهم وأنهم من أهل جهنم قطعاً .وبعبارة أخرى : الأبناء المولودون بطريق غير شرعي يماثلون الأطفال المولودين من أبوين مصابين بأمراض خطيرة کالسل وما شابه ؛ فهکذا أطفال يکونون مستعدين أکثر من غيرهم للابتلاء بهذه الأمراض , وفي حالة عدم المبادرة الى علاجهم ربما يصابون على المدى القريب بتلک الأمراض ؛ لذا يجب عزل مثل هؤلاء الأطفال المعرضين للاصابة بمرض السل مثلاً عن التصدي للشؤون المتعلقة بالمواد الغذائية ونحوها رعاية للصالح العام وجلباًَ لثقة الناس .کما أن أبناء الزنا يمتلکون الأرضية المناسبة لمخالفة القوانين وارتکاب المعاصي والآثام ؛ وکلما لم يتلقوا التعليم الصحيح والبيئة المناسبة والارادة والثبات فمن الممکن أن يسقطوا ويصبحوا جزءً من فئة الجناة .وبالنظر الى هذه الجهات تقتضي المصلحة العامة عدم تصدي أبناء الزنا لبعض المناصب لضمان حصول الوقاية الاجتماعية اللازمة .لکن التصور المبني على أن السعادة لن تفتح أبوابها لأبناء الزنا خاطئ جداً , بل بوسع أولئک أن يکونوا أفراداً محظوظين وسعداء کما هو شأن الآخرين ؛ لکن – وکما قلنا – بما أنهم لا يمتلکون الأرضية المناسبة فانهم يحتاجون الى رقابة وتربية أقوى وأکثر من غيرهم ؛ فکما أن ولد المصاب بمرض السل ليس لزاماً أن يکون مصاباً کأبيه , بل يمکن تخليصه من هذا المرض وجعله أقوى من غيره بمراعاة الأمور الصحية . وبايجاز فان تهيؤ الأرضية ليس دليلاً قطعياً على الابتلاء , وبوسع الارادة القوية والتربية الصحيحة تلافي ذلک .الطريف في الأمر أن هؤلاء الأبناء غير الشرعيين عندما يصمدون بوجه المعاصي ينالون مرتبة أسمى من نظرائهم ؛ لأنهم جاهدوا أنفسهم أکثر من غيرهم .

Writer:

74/ ما فلسفة تغسيل الأموات وغسل مس الميت ؟

74/ ما فلسفة تغسيل الأموات وغسل مس الميت ؟

الجواب :إن فلسفة بعض الأحکام الفرعية في الاسلام – وکما قلنا سابقاً – غير واضحة بالنسبة لنا ؛ لکن فلسفة الکثير منها بدأ يتضح بمرور الزمن وتکامل العقل البشري , وربما اتضحت أسرا ر القسم الآخر منها في المستقبل .أما بشأن السؤال المطروح آنفاً فيمکن القول : إن أحد أسرار لزوم غسل مس الميت هي أن کافة الشعوب والأمم تؤمن باحترام الأموات کما تلتزم بضرورة احترام الأحياء ؛ وعلى الرغم من أن الاسلام ألغى کثيراً من مراسم الأمم والشعوب السالفة المتعلقة بالأموات والمتسمة بسمات خرافية , إلا أنه قال بوجوب احترام الموتى عن طريق الغسل والکفن والدفن ؛ بناء على هذا يکون تغسيل الميت والمراسم الأخرى المتبعة نوعاً من الاحترام للموتى .وبعبارة أخرى : يکنّ الاسلام احتراماً کبيراً للانسان , فرفع من قيمته عبر وسائل مختلفة , حتى أن هذا الموضوع يشمل حالة ما بعد الموت أيضاً ؛ فلا يحق لأي أحد توجيه إهانة الى موتى  المسلمين ولا الى قبورهم کذلک وفقاً لوجهة نظر القوانين الاسلامية .إن موضوع تغسيل وتکفين ودفن الموتى يعد نوعاً من الاحترام لمقام الانسان , لکنه احترام بعيد عن الطابع الخرافي ؛ وبالاضافة الى ذلک وبما أن الموت لا يعني انتهاء الحياة حسب رؤية الاسلام , بل هو نافذة نحو عالم آخر وحياة أخرى ونزول الى جوار الرحمة الالهية , لذا فانه يأمر بتطهير الموتى ودفنهم بلباس بسيط وطاهر ؛ ليکون هذا العمل رمزاً للحياة الحقيقية وامتداداً لما بعد الموت هذه هي فلسفة تغسيل الميت .غسل مس الميت قبل أن نشرع بأصل الجواب من الضروري الاشارة الى عدد من الملاحظات :1- ستکون لعائلة الميت عواطف وأحاسيس جياشة من جراء افتقاد عزيز من أسرتهم ؛ لذا لا يتمکنون من قطع علاقتهم بالميت دفعة واحدة , فيرومون تقبيله واحتضانه حتى بعد موته للارتباط الوثيق والوشائج المتينة فيما بينهم .2- هناک نقطة جلية مفادها أن بدن الميت – عادة – يتلوث بأنواع الميکروبات المختلفة على أثر ابتلائه بالامراض , ونتيجة لتسممه بشتى أنواع السموم وافتقاره للقدرة الدفاعية , فيکون التقرب منه محفوفاً بمخاطر جمة .3- لم يتلاعب الاسلام بأحاسيس ومشاعر البشر قط , ولم يهمل الدوافع الطبيعية للانسان , بل قام بسوق عواطفهم وأحاسيسهم باتجاه منحى خاص .الآن بوسعنا أن نستنتج مما سلف ما يلي : من أجل أن يحول الاسلام دون إصابة جميع الأفراد – وعائلة الميت بالذات – بأنواع الميکروبات وإصابتهم بمختلف الأمراض التي يمکن أن تنتقل لهم من جسد الميت , وفي الوقت ذاته من أجل عدم قمع عواطفهم وأحاسيسهم الجياشة بتحريم مس الميت عليهم , جعل أمامهم إشکالاً قانونياً ؛ أي أمر کل من مس جسد الميت بنحو من الأنحاء بالغسل . لا شک في أن هذا الاشکال القانوني في الوقت الذي يحد من مس الأحياء للاموات الى حدّ کبير ويحول دون إصابتهم بأنواع الأمراض المحتملة , لا يهمل عواطفهم ومشاعرهم أيضاً ؛ وکلما لم يؤثر هذا الاشکال في عدم حصول  المس سيکون غسل مس الميت أفضل وأيسر طريق لطرد الميکروبات المحتملة .ربما يشکل البعض بأنه لو أوجد غسل مس الميت هذا الاشکال القانوني لتفادي الاصابة بالأمراض , فلماذا لا يوجب مس جسد الميت بعد تغسيله الغسل أيضاً؟ يبدو أن هذا الاشکال سطحي وجوابه واضح ؛ لأن تغسيل الميت بماء السدر مرة والماء والکافور مرة أخرى وبالماء القراح مرة ثالثة يعد عاملاً قوياً لتعقيم وتطهير جسده , وعلى أقل التقادير ستزول الأخطار الموجودة قبل التغسيل الى مدة من الزمن .وبدهي أن الميت سيدفن بعد أمد قصير من إجراء المراسم المذکورة , وستتضاءل مع ذلک نسبة وجود ميکروبات جديدة وسرايتها الى الانسان .إن ما ذکر آنفاً حول تغسيل الموتى وغسل مس الميت هو جزء من فلسفة هذه الأحکام , ورب ملاحظات لا زالت تخفى علينا الى الآن .

Writer:

124/ اختلاف الأفق في رؤية الهلال

124/ اختلاف الأفق في رؤية الهلال

الجواب: تثبت الاستدلالات العلمية والتجارب المختلفة کروية الأرض بلا ريب حتى صار هذا الموضوع من البديهيات التي لا غبار عليها. من ناحية أخرى فان القمر يواصل حرکته المنتظمة حول الأرض فيدور دورة کاملة تقريباً کل شهر ما يسفر عن صيرورته هلالاً فبدراً فتربيعاً فمحاقاً؛ لأن نصف القمر المواجه للشمس مضيء دائما، لکن وضع القمر والشمس والأرض يتخذ حالات مختلفة نتيجة لدوران القمر الشهري؛ فتارة نرى نصفه المضاء کاملاً وهو ما نسميه بالبدر التام، وتارة لا نرى إلا نصفه وهو ما يسمى بالتربيع، وهکذا بالنسبة لسائر حالات القمر الأخرى الناتجة عن تغير اصطفاف القمر والأرض والشمس. وعلى هذا الأساس ونتيجة لکروية الأرض تتوفر شروط الرؤية في النقاط الغربية أسرع من غيرها، فيُرى الهلال في تلک المناطق قبل کل مکان، أما في المناطق الشرقية فتتأخر شروط الرؤية عنها في الغربية ما يسفر عن تأخر رؤية الهلال هناک.ويمکن الکشف عن هذا الموضوع بتجربة بسيطة، نأخذ کرة أرضية صناعية فنعلقها في سقف الغرفة ثم نسلط الضوء على أحد جوانبها من مصباح بحيث يکون محاذياً لها أو على مستوى أعلى منها بقليل، ثم نقف في زاوية الغرفة في الجهة المقابلة للمصباح فسوف نشاهد أن نصف الکرة المواجه لنا مظلم، ثم نتقدم رويداً رويداً حتى نرى جزء رقيقاً يماثل الهلال من طرف الکرة بدأ بالاضاءة، حيث إن تغيير مکاننا وزاوية وقوفنا يؤثر في مشاهدة الهلال المذکور. وفي ضوء کروية الأرض يتجلى تأثير الآفاق في مشاهدة الهلال أو عدم مشاهدته.

Writer:

123/ ما الذي دعا الى تغيير القبلة؟

123/ ما الذي دعا الى تغيير القبلة؟

الجواب: يستفاد من الآيات القرآنية المبارکة  أن قبلة المسلمين کانت الکعبة (بيت الله الحرام)  في الحقيقة، إلا أن بيت المقدس جعل قبلة مؤقتة لهم للأسباب التي سنذکرها. فقوله تعالى : (قد نرى تقلب وجهک في السماء فلنولينک قبلة ترضاها ...) (البقرة:144) دليل على أن رسول الله (ص)کان ممتعضاً من أحاديث اليهود حول کون بيت المقدس قبلة ،وطالما انتظر انتهاء مدة هذه القبلة المؤقتة واعلان القبلة الأبدية للمسلمين من قبل الله جل وعلا.أما لماذا لم تجعل الکعبة قبلة للمسلمين منذ البداية، حيث اُمروا بالتوجه الى بيت المقدس في صلواتهم ردحاً من الزمن؟ يستفاد من قوله تعالى: (... وما جعلنا القبلة التي کنت عليها إلا  لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه... ) (البقرة:143) أن هذا الأمر انما شرع بهدف تهذيب المسلمين وتنمية روح الطاعة لدى الوافدين الجدد على الاسلام وتحقيق أهدافه المقدسة.کان سکان الحجاز وأهل مکة خصوصاً مولعين بأراضيهم؛ لذا کان من اللازم بداية التحرک خلافاً لميولهم النفسية وتحيزهم الجغرافي من خلال التخلي عن الکعبة أمداً من الزمن والتوجه في الصلاة الى بيت المقدس ؛ لقتل روح العصبية لديهم وتعزيز روح الطاعة والانقياد.بالاضافة الى ذلک، کان ينبغي على المسلمين التوجه صوب بيت المقدس –عاصمة اليهود ورمز قوتهم- بغية أخذ العبرة منها، فبيت المقدس يمثل درساً للعالم. إنه موضع عز اليهود وذلهم، وعلل الانحطاط والرقي بادية فيه للعيان. خرج بنو اسرائيل من مصر بذل وهوان متجهين نحو بيت المقدس، ثم نالوا العزة والسؤدد بالجهاد والتضحية، ثم انحدروا ساقطين على خلفية عزوفهم عن أوامر الله وتعاليمه. وعلى هذا الأساس تعتبر حياة أولئک درساً حرياً بالاعتبار لا سيما لمن هو حديث العهد بالاسلام.على المسلمين أن يعلموا أن جعل الکعبة قبلة لهم ليس لاعتبارات داخلية وعرقية، بل لأنها تمثل أقدم مرکز للتوحيد وعبادة الله وبنيت على أيدي بطل التوحيد الکبير نبي الله ابراهيم (ع).

Writer:

122/ القبلة في العراق

122/ القبلة في العراق

لکن المحقق أجابه قائلاً: کلاهما غير مراد ،بل إن الانحراف عن القبلة للتوسط فيها ، فاقتنع الشيخ بهذا البيان.الآن، يتبادر السؤال التالي الى الأذهان: ماذا يقصد المحقق من الجواب المذکور؟ حيث إن القبلة متيامنة في کافة نقاط وقصبات العراق (أي يجب الانحراف من نقطة الجنوب الى اليمين لا الى اليسار) ؛فمثلاً في مدينة الحلة انحراف القبلة عن الجنوب الى المغرب 21 درجة و31 دقيقة ،وفي النجف الأشرف 21 درجة و44 دقيقة ، وفي کربلاء 19درجة و31 دقيقة.وباختصار ،فان القبلة في جميع قصبات ومناطق العراق تميل الى يمين نقطة الجنوب. هلا تفضلتم بشرح بيان المحقق الحلي.الجواب:أولاً- ليس المراد من التياسر المستحب لأهل العراق هو انحراف المصلي من نقطة الجنوب نحو المغرب أو المشرق ليتنافى مع انحراف قلبة العراق من نقطة الجنوب باتجاه المغرب ،بل المراد الانحراف من نقطة القبلة الى يسار القبلة ،وهناک بون شاسع بين الاثنين. (تأملوا)ثانياً- ذکر فقهاؤنا وعلماؤنا نظريتين في سبب استحباب تياسر أهل العراق عن القبلة هما:1- النظرية التي ذکرها العلامة المجلسي في کتاب بحار الأنوار ،کتاب الصلاة، وحاصلها: ربما تکون علة الانحراف هي أن محراب مسجد الکوفة وسائر المحاريب هناک قد بنيت آنذاک منحرفة الى اليمين غالباً ،وان لم يبلغ هذا الانحراف حداً تبطل معه الصلاة؛ إلا أن الأئمة أصدروا هذا الأمر سعياً منهم لتبيين النقطة الحقيقية للقبلة ولئلا يبرزون رفضهم لحکومة الخلفاء آنذاک ،حيث بنيت أغلب المساجد بأوامر منهم.بدهي أن الفائدة المرجوة من الأمر المذکور هي إحراز الناس لفضيلة التوجه الى النقطة الواقعية للقبلة دونما إبراز لمعارضة الخلفاء.2- النظرية المستفادة من بعض الروايات وخلاصتها: أنصاب القبلة الى يسار الکعبة أکثر منها الى اليمين وهي ميلان يميناً وأربعة أميال يساراً ؛ أي يحظى هذا القدرباحترام معنوي خاص. (لکن هذا الموضوع لا صلة له بحدود الحرم البالغة أربعة فراسخ من جميع الجهات)بناء على هذا ،لما يتياسر الانسان لا يخرج عن النقطة المرکزية في ضوء وجود أنصاب أکثر من اليمين بخلاف ما لو تيامن ؛إذ لايؤمن خروجه عنها حينئذ. وفي الحقيقة هذا حکم احتياطي حيث يتجه الانسان في صلاته نحو نقطة يقل معها احتمال خروجه عن حريم الکعبة . ومن المحتمل أن يکون المحقق الحلي ناظراً الى هذه النقطة أو الى سابقتها.

Writer:

73/ ما الفرق بين عرق البدن والادرار ؟

73/ ما الفرق بين عرق البدن والادرار ؟

الجواب :ينبغي الالتفات الى أنه مع اتحاد الادرار وعرق البدن في الترکيب الکيمياوي , إلا أنهما يتفاوتان عن بعضهما من بعض الجهات , وربما کان هذا الاختلاف من ناحية الترکيب سبباً في اختلاف حکمهما ؛ لأن الادرار – وکما سنبين – يحوي عدداً من المواد السامة التي يفتقر العرق لها .إن الادرار يحتوي على المواد التالية :1- اليورات (ملح الحامض البولي) 2- الحامض البولي 3- أحماض يوراتية 4- صفراوين البول 5- حامض الهيبوريک 6+7 – الأروکرم واليوروبيلين وکلاهما من المواد الصبغية للادرار 8- مواد معدنية , بالاضافة الى الکلوکوز بالنسبة للمصابين بداء السکري والزلال للمصابين بداء الزلال .أما العرق فيترکب من المواد التالية :2- اليورات (ملح الحامض البولي) 2- الحامض البولي 3- أحماض يوراتية 4- مواد معدنية ؛ بناء على هذا فان المواد الصبغية وحامض الهيبوريک اللذين يعتبران مادتين سميتين حاويتين على نسبة عالية من السموم غير موجودتين في الترکيب الکيمياوي للعرق .وفضلاً عن ذلک , فان العرق الذي تفرزه مسامات الجلد يتبخر من فوق الجلد مباشرة , وهذا التبخر يحول دون نشوء ونمو الميکروبات على سطح الجلد , في حين أنه ربما بقيت ميکروبات مختلفة في الادرار ؛ وعلى هذا يمکن توقع سبب اعتبار العرق طاهراً والادرار نجساً في الدين الاسلامي الحنيف , وذلک للأسباب التالية : 1- إن المواد الصبغية وحامض الهيبوريک الموجودة في الترکيب الکيمياوي للادرار فقط هي مواد شديدة التسمم , ولا أثر لها في ترکيب عرق البدن .2- نسبة اليورات – السامة أيضاً – في الادرار تفوق نسبتها في العرق بکثير .3- انطلاقاً من أن العرق يتبخر على سطح الجلد لا يبقى مجال لنشوء الميکروبات ونموها عليه .4- تزيد کثافة الادرار عن کثافة العرق بعشرة أضعاف , ونحن نعلم أن هذا التفاوت بوسعه أن يجعل أحدهما مضراً والآخر غير مضر تماماً .وبغض النظر عن کل ذلک , إن تجنب العرق أمر عسير للغاية ويؤدي الى متاعب جمة , في حين أن تجنب الادرار ليس عسيراً بتاتاً , وهذا تفاوت آخر بين الادرار والعرق .

Writer:

72/ لماذا تکون المشروبات الکحولية نجسة ؟

72/ لماذا تکون المشروبات الکحولية نجسة ؟

الجواب :ثمة علل وأسرار مختلفة تکمن وراء عدّ بعض الأشياء نجسة من وجهة نظر الاسلام ؛ فيمکن تقسيمها الى ثلاثة أصناف :الصنف الأول - الأشياء النجسة ذاتاً التي تعد منشأ للکثير من الأمراض نحو البول والدم وما شاکلها ؛ لذا عدها الاسلام نجسة , وأوجب اجتنابها على الجميع.الصنف الثاني - الأشياء الفاقدة للقذارة ظاهراً , لکنها ملوثة معنوياً , الأمر الذي أدى الى اعتبار الاسلام لها نجسة من قبيل الکفار ؛ فربما کان الکافر طاهراً نظيفاً من حيث الظاهر , لکنه بما يمتلک من عقائد منحرفة- کما سيأتي في جواب أحد الأسئلة القادمة - قذر من الناحية النفسية , ولا يمکن أن تزول منه هذه القذارة بتنظيف البدن ورعاية الأمور الصحية .عدّ الاسلام أولئک غير طاهرين للحد من اختلاطهم بالمسلمين بغية الحفاظ على عقائدهم وصيانتهم نفسياً , ولو لم يتخذ الاسلام هذا الموقف وأتاح لهم کل ألوان المعاشرة لاستطاعوا التأثير قولاً وفعلاً على ضعاف النفوس(1) .بالاضافة الى ذلک , فان معاشرة أولئک سيقود الى تغلغلهم في المجتمعات الاسلامية واتساع رقعة البرامج الاستعمارية , لکن الاختلاط المحدود معهم على أساس التبادل التجاري والعلمي غير ممنوع مع الالتفات الى الحد من أخطارهم ؛ لذا لم يمنع الاسلام ذلک .الصنف الثالث - الأشياء المفتقرة لما ذکر آنفاً , لکنها منشأ لسلسلة من المفاسد الاجتماعية والفردية نظير المشروبات الکحولية . صحيح أن الکحول يعقم الأجسام , بيد أن استعمال المشروبات من شأنه أن يفضي الى سلبيات لا تعد ولا تحصى ؛ والاسلام لم يعتبر هذه المشروبات نجسة إلا لتفادي تلک السلبيات من خلال وضع قيود عليها , وفي النتيجة يفصل بينها وبين الناس .لأنه من البديهي أن المسلم يحاول قدر الامکان الابتعاد عما هو نجس وعدم تدنيس حياته به , ومن الواضح أن هذا الموقف الشديد تجاه ما هو نجس يؤثر تأثيراً کبيراً على عدم التلوث بالمشروبات الحکولية , وهذا بدوره يشکل نوعاً من الحرب الجدية ضد المشروبات الکحولية(2)  .   1-  سنتحدث عن فلسفة نجاسة الکفار لاحقاً .2- إن ما ذکر آنفاً عن نجاسة الکحول يتعلق بالمشروبات الکحولية فقط , أما نجاسة الکحول الصناعي الذي لا يشرب غالباً فهو ما لم يتفق عليه علماء الدين والفقهاء ؛ لأن هذا النوع من الکحول غير قابل للشرب , بل هو عبارة عن مادة سمية .

Writer:

71/ لماذا يجب على المرأة ستر بدنها حال الصلاة ؟

71/ لماذا يجب على المرأة ستر بدنها حال الصلاة ؟

الجواب:لا شک في أن الله جلّ وعلا يعلم بکل شيء , ولا معنى لديه بالنسبة للباطن والمستور , وليس هو بِمَحرَم على أحد من عباده ؛ لکن الانسان في حال العبادة يرى نفسه بين يدي الله تعالى , ويتحدث معه ويتضرع إليه , وفي هذه الحالة من الجدير به أن يرتدي خير أنواع الملابس , ومن الواضح أن خيرها للنساء هو اللباس الکامل , أي اللباس الذي يرمز للعفاف والطهارة ويعکس أفضل حالاتها ؛ اللباس المذکور فقط يتناسب مع حالة العبادة .وهذا يجري على الرجال أيضاً , فلا تقع الصلاة من العاري باطلة فحسب , ولا تکون بعيدة عن روح الخضوع والاحترام له تبارک وتعالى فقط ,بل من الأفضل أن يصلي الرجل بلباس يشير الى أقصى مراتب الاحترام , فضلاً عن ستر المواضع الواجب سترها , فعلى سبيل المثال ليس من المستحسن الصلاة بالملابس الداخلية فقط , بل جدير بهم ارتداء ملابس أخرى .

Writer:

TotalPages : 6