6-حکمه التکلیفی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 

6-حکمه التکلیفی

بسم الله الرحمن الرحیم

وبه نستعین وصلى الله على سیدنا محمد وعلى اله الطاهرین

تتمة البحث فی استحباب النکاح

کان البحث فی استحباب النکاح، وانتهینا الى أن البعض قد قیدوا استحبابه بالاشتیاق، فلا یستحب النکاح لمن لا یختلف الحال لدیه إن تزوج أو لم یتزوج، بل أن البعض کالشیخ الطوسی فی المبسوط ذهب الى أکثر من ذلک حیث قال: أنه یکره النکاح لمن لا یشتاقه. وقد کنا فی مقام بیان مصدر هذا المطلب، حیث أن الزواج شئ یستحسنه العقل وتنص علیه آیات القرآن، والشریعة المقدسة وکلمات المعصومین (ع) لا یوجد فیها أی تقیید من هذا القبیل، وبالنهایة لابد للشباب من أن یتزوجوا، والنکاح رغم أنه مستحب بالذات إلا أنه فی بعض الموارد قد یکون واجباً، فمن أین اذاً أتى هذا التقیید بالاشتیاق أو حتى القول بالکراهة؟

أدلة القائلین بتقیید استحباب النکاح بالإشتیاق

استدل القائلون بتقیید استحباب النکاح بالاشتیاق بثلاثة أدلة، والعمدة فیها هو الدلیل الاول.

الدلیل الاول: ما ورد فی القرآن الکریم حول قصة النبی یحیى (ع) من مدح وثناء، ففی الآیة 39 من سورة آل عمران قال تعالى: {وسیداً وحصوراً ونبیاً من الصالحین} وقیل بأن "حصور" تطلق على الشخص الذی لا یرغب فی الزواج أصلاً أو الذی لم یتزوج أصلاً، وبما أنه قد مدح یحیى (ع) بأنه حامل لهذا الوصف فلابد ـ على الاقل ـ من القول بعدم استحباب النکاح لمن لا یشتاقه.

ولنا على هذا الاستدلال أربع أجوبة.

الجواب الأول: أنه من الممکن أن تکون هذه قضیة فی واقعة، فإن مدح شخص لأجل صفة یتصف بها لا یسبب أن تکون هذه الصفة قانوناً کلیاً، وحیاة یحیى (ع) کانت حیاة خاصة مثل حیاة السید المسیح (ع)، حیث کانا علیهما السلام دائمی التنقل من مکان لآخر لأجل تبلیغ الرسالة الإلهیة، فلذلک لم یتزوجا (ع)، ولعلهما کانا سیتزوجان (ع) بعد أن تثمر حرکتهما التبلیغیة. إذاً هذه من قبیل قضیة فی واقعة. وبعبارة أخرى: هذه القضیة کانت من قبیل العنوان الثانوی، فالعنوان الاولی هو الاستحباب المطلق، لکن بسبب بعض العوارض یمکن أن توجد عناوین أخرى مثل الوجوب أو الحرمة أو الکراهة، وهذا یعود الى ما ذکرناه فی أصل المسألة من الانقسام الى أقسام خمسة بسبب العوارض والعناوین الثانویة.

الجواب الثانی: هو أن نأتی الى کلمة "حصور" لنرى أن معناها ینحصر بـ"من لا یأتی النساء" أو أن لها معان متعددة فی اللغة. وعندما نرجع الى ما ذکره أرباب اللغة وما ذکره الشیخ الطوسی فی ذیل هذه الآیة فی تفسیره "التبیان" وأیضاً ما ذکره المرحوم الطبرسی فی "مجمع البیان" نجد أن لهذه الکلمة ستة معان على الاقل هی:

المعنى الاول: العنین، وهو من لا یقدر على النکاح أصلاً، أی من یعانی من العجز الجنسی.

المعنى الثانی: من لا یعانی من عدم القدرة الجنسیة لکن لا میل لدیه للنکاح إما لأنه لا یرغب به وإما أنه یرغب به لکن ظروفه تمنعه من الزواج. فیقال لمثل هذا الشخص أنه حصور باعتبار أنه حاصر نفسه أو أنه محاصر فلا یمیل الى الزواج.

المعنى الثالث: قیل أنه الذی یمتنع أن یخرج مع الندماء شیئاً للنفقة، وکأن المقصود هو الاشارة الى اولئک الاشخاص الذین لا یخرجون معهم فی السفر إلا القلیل من النفقة التی لا تکفی إلا لأنفسهم ولا یحسبون حساب رفقائهم فی السفر، أی البخلاء.

المعنى الرابع: الذی یحصر نفسه عن الشهوات، والظاهر أن المراد هو الاعم من الشهوة الجنسیة، أی العفیف. فالحصور هو من یحاصر نفسه فی مقابل مراداتها وطغیان شهواتها.

المعنى الخامس: الذی یکتم سرّه، ویقال له الکتوم والحصور بإعتبار محاصرته لنفسه لکی لا تفشی السر.

المعنى السادس: الذی لا یدخل فی اللعب والاباطیل.

وعدة من هذه المعانی لیست من شأن الانبیاء ولیست من مقامات المدح، مثل العنین والبخیل، إذ هذه من العیوب لا من المحاسن، أما بقیة المعانی فهی مما تلیق بشأن الانبیاء، فیمدح النبی بأنه کتوم للسر وأنه ممن یمسک نفسه عن الشهوات وأنه لا یدخل فی اللعب والاباطیل. وأی مانع من أن تکون هذه المعانی هی المقصود فی الآیة الشریفة؟

صحیح أنه فی بعض الروایات ورد تفسیره بالذی لا یأتی النساء، إلا أن ذلک یمکن تفسیره بشکل سوف یأتی بیانه فی الاجوبة الآتیة.

وعلى هذا فکلمة "حصور" لا ینحصر معناها فی معنى واحد، بل لها معان متعددة، وعلى الاقل الآیة فیها ابهام من هذه الناحیة.

والنتیجة هی أن هذه الآیة لا تخلو عن إجمال، ونحن لا یمکننا أن نفعل کما فعلتم أنتم حیث أوقعتم معارضة بین ما هو مجمل وبین الآیات کقوله تعالى: {انکحوا الایامى منکم والصالحین من عبادکم وامائکم} وغیرها من الروایات المادحة والحاثة على الزواج. فنحن فی مقابل هذه المحکمات لا یمکننا أن نعتمد على شئ متشابه.

الجواب الثالث: إن المدح قد یکون فی بعض الاحیان على المنکشف لا الکاشف، فنمدح الصفة التی هی فی داخل الانسان رغم أن الکاشف عنها قد لا یکون أهلاً للمدح، کما لو أردنا ان نمدح تسلط إنسان على نفسه فی محیط ملیئ بالفساد فقلنا انه قد بلغ الاربعین ولم یتزوج، فنحن لا نرید أن نمدح عدم زواجه بل نرید أن نمدح تسلطه على نفسه فی ذاک الجو الملیئ بالفساد، فالمدح کان على تلک الصفة النفسانیة التی یکشف عنها عدم الزواج الى الاربعین.

وأنا أحتمل أن یکون هذا هو المقصود من الروایة المفسرة للحصور بمن لا یأتی النساء، فهی ترید أن تمدح تلک الصفة النفسانیة التی کان یتحلى بها یحیى (ع) لا انها تمدح عدم زواجه من حیث هو.

الجواب الرابع: هو أن یقال أنه لو فرض أن ذلک کان ثابتاً وممدوحاً فی شریعة یحیى (ع) فما علاقة ذلک بشریعتنا، وکم من المسائل کانت موجودة فی الشرائع السابقة ولیست موجودة فی شریعتنا، فإن کان هذا البرنامج موجوداً فی شریعته وعمل به (ع) فهو حینئذ یستحق المدح بلحاظ ذلک.

إن قلت: أنه یمکننا أن نجری استصحاب الشرائع السابقة، حیث انه فی بحث الاستصحاب یوجد استصحاب یقال له استصحاب الشرائع السابقة، فما هو موجود فی شریعة یحیى (ع) نستصحبه الى شریعتنا ، کما أن الشیخ الانصاری وغیره من الاعلام عندما یبحثون فی تنبیهات الاستصحاب یتعرضون لإستصحاب الشرائع السابقة ویذکرون له عدة مدارک منها قصة نبی الله یحیى (ع).

قلنا: أنه یمکن الاجابة بجوابین:

الجواب الاول: إن الاستصحاب إنما یجری فی مورد الشک (لا تنقض الیقین بالشک) ونحن فی هذه المسألة لا شک لدینا، فنحن نعلم بأن الزواج أمر مطلوب فی الاسلام، بینما حیاة العزوبة مبغوضة، وهناک روایات کثیرة فی هذا المجال إلا ان أیاً منها لا یذکر شرطیة الاشتیاق، فالروایات مطلقة من هذه الناحیة. وعلى هذا یکون المورد من موارد (بل انقضه بیقین آخر) حیث اننا نتیقن بمطلوبیة النکاح فی شریعتنا، فلا مجال لإجراء استصحاب الشرائع السابقة.

الجواب الثانی: اننا قد ذکرنا نکتة فی مبحث الشرائع السابقة وفی نظری أنها نکتة مهمة وهی: أن الشریعة التی تنسخ تُنسخ معها تمام أحکامها، فلا یجری احتمال بقاء شئ منها لیجری إستصحابه، والدلیل على ذلک هو أن المسلمین حینما کانوا یواجهون مسألة جدیدة لا یعرفون حکمها کانوا یسألون عنها من النبی (ص)، فیجیبهم (ص) أنی انتظر الوحی فی شأنها، ولم یجبهم(ص) ولو لمرة واحدة أن اذهبوا واعملوا بحکمها فی الشریعة السابقة، فیعلم انه بنسخ الشریعة السابقة تنسخ معها تمام أحکامها.

وشبیه هذا الشئ یحصل عند قیام الثورات، فعندما قامت الثورة الاسلامیة تم تنظیم قانون أساسی جدید رغم أن هذا القانون فیه الکثیر من المشترکات مع القانون السابق کما فی أحکام الاقلیات وغیرها من المسائل، إلا أن کل ذلک أعید بحثه والمصادقة علیه فی القانون الجدید.

وشرب الخمر مثلاً کان محرماً قطعاً فی الشرائع السابقة إلا أن تحریمه فی الاسلام تم على مراحل أربع، فیعلم بذلک أنه لم یکن یبنى على استصحاب الشرائع السابقة، بل کل شریعة جدیدة لها أحکامها الجدیدة.

فعلى ذلک لا تکون أرکان الاستصحاب تامة هنا، بإعتبار أننا نقطع بنسخ تمام أحکام الشرائع السابقة، والاستصحاب إنما یجری فی مورد الشک، اذاً التمسک بالاستصحاب هنا غیر صحیح.

تفسیر قوله تعالى: {مصدقاً لما بین یدیه}

وأما قوله تعالى: {مصدقاً لما بین یدیه} فهو لا یستفاد منه الدلالة على بقاء الشرائع السابقة. وقد ذکر فی تفسیر "الامثل" معنى خاص لکلمة (مصدقاً) هو (متابع)، بمعنى أنه قد ذکرت للنبی (ص) وللقرآن علائم فی الکتب السماویة السابقة، وعندما بعث النبی (ص) وأوحی الیه بالقرآن کان مصدقاً ومتابعاً لتلک العلائم فی الکتب السابقة أی مطابقاً لها، والقرآن یقول للیهود والنصارى أنه لماذا لا تقبلون بهذا النبی الذی تجدون علائمه وعلائم کتابه عندکم فی کتبکم، فالمقصود من قوله تعالى: {مصدقاً لما بین یدیه} هو مطابقاً لما ورد فیها من الامارات والعلامات.

هذا کله فی الدلیل الاول الذی ذکروه لتقیید استحباب النکاح بالاشتیاق.

الدلیل الثانی: هو التمسک بآیة من القرآن لا دلالة لها أصلاً على مطلوبهم، إلا اننا مع ذلک نذکرها ونبین الاجابة عنها، وهی قوله تعالى فی الآیة 14 من سورة آل عمران: {نزین للناس حب الشهوات من النساء والبنین والقناطیر المقنطرة من الذهب والفضة والخیل المسوّمة والانعام والحرث ذلک متاع الحیاة الدنیا والله عنده حسن المآب}.

قالوا: إن الآیة فی مقام الذم وتذکر ستة أمور هی من الزینة فی نظر الناس والله سبحانه یعبر عنها بأنها {ذلک متاع الحیاة الدنیا} وهذا یدل على أن الشهوات لیست شیئاً مطلوباً فی نفسه، وهو المطلوب.

ولنا على هذا الاستدلال جوابان:

الجواب الاول: انه إذا صح هذا الاستدلال یلزم حینئذ أن یقال بعدم استحباب النکاح حتى فی مورد الاشتیاق، لأن الآیة تذم من یحب الشهوات، فحتى من یشتاق النکاح وتتوق نفسه الیه یکون مذموماً بحکم هذه الآیة، فلا یکون النکاح مستحباً له، وهذا على خلاف مقصودکم، حیث قلتم بأنه لا یستحب النکاح لمن لا شوق لدیه وأما من عنده شوق ومیل للنکاح فجمیع علماء الشیعة والسنة قالوا بأنه مستحب له، إن هذا على خلاف مقصودکم.

الجواب الثانی: إن المقصود من هذه الآیة هو بیان مذمومیة الافراط فی المسائل المذکورة، حیث عبّر بحبّ الشهوات المناسب لطغیان الشهوة والافراط فیها، وإلا فی نفس القرآن الکریم عدّت الانعام من النعم الالهیة التی أنعم بها الله سبحانه على عباده، فلو أنها کانت مذمومة اذاً لماذا تعدّ من النعم التی یمنّ الله بها على عباده، کما فی الآیة 6 من سورة النحل {ولکم فیها جمال حین تریحون وحین تسرحون} أی أنه سبحانه خلق لکم هذه الانعام ولکم فیها زینة، فعندما تخرجون بها فی الصباح الى المراعی وأیضاً حینما ترجعونها عصراً یکون لها منظر جمیل یأخذ القلوب ویوجب السرور فی المجتمع، وکثیر غیرها من الآیات التی تعد الانعام من نعم الله على الخلق. إذاً قوله تعالى {حب الشهوات من النساء} یقصد به ذم التعلق والافراط فی حب النساء لا مطلق حب النساء حیث أنه سبحانه فی الآیة 21 من سورة الروم یبیّن ان من نعمه على الخلق هی نعمة الازواج: {ومن آیاته أن خلق لکم من أنفسکم أزواجاً لتسکنوا الیها}.

الدلیل الثالث:هو أن الزواج لمثل هؤلاء الاشخاص ـ غیر المشتاقین للنکاح ـ یمنعهم عن کثیر من الاعمال الحسنة کالعبادات والطاعات وتحصیل العلوم وغیر ذلک من الامور المهمة، وذلک لإنشغالهم بمشاکل ومسؤولیات الزوجة والاطفال وتأمین المعاش لهم وما الى ذلک من مسؤولیات للحیاة الزوجیة. وهذا الاستدلال منقوض من جهتین:

الجهة الاولى: إن الزواج لیس مزاحماً لما ذکر بل عون علیها، فالزواج إن کان مدروساً فإنه یعین على طلب العلم وعلى العبادة ویهب للانسان الراحة والاطمئنان حیث یمکنه أن یتابع برامجه ببال مرتاح وهو ما یعبر عنه الله سبحانه: {لتسکنوا الیها}، والانسان لا یمکنه أن یتعلم أو یعمل أو یقوم بأی شئ إذا لم یکن مرتاح البال.

الجهة الثانیة: هی ان نفس المسؤولیات المذکورة فی الاستدلال تعدّ عبادةً، فتأمین النفقة للزوجة والاطفال من العبادات، ولا أقرأ لکم الروایات فی هذا المجال لکی لا یطول البحث بل اعطیکم مصادرها، وهی فی الباب 23 من أبواب مقدمات التجارة من المجلد 12 من الوسائل، حیث توجد روایات متعددة تتحدث عن هذا الموضوع، فإحدى الروایات تقول: (الکادّ على عیاله کالمجاهد فی سبیل الله)، بل فی روایة أخرى: (أفضل من الجهاد فی سبیل الله).

إذن تحمل مسؤولیة العیال لا عیب فیه بل هو من العبادات.

وصلى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

 

Peinevesht:
  
    
TarikheEnteshar: « 1279/01/01 »
CommentList
*TextComment
*PaymentSecurityCode http://makarem.ir
CountBazdid : 1797