178-أسباب التحریم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 

178-أسباب التحریم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمّد وآله الطاهرین.

بحث حول زواج أولاد آدم علیه السلام

مناقشة روایات النظریة الثانیة

انتهینا فی الدرس السابق من بیان الروایات التی تدل على النظریة الثانیة فی کیفیة زواج أولاد آدم علیه السلام، وهی روایات متضافرة وعلى طوائف متعددة، ومنقولة فی کتب التفسیر والحدیث، حتى إنّ بعض علماء العامة نقلوا هذه الروایات من طرقنا، من جملتهم صاحب (تفسیر المنار) فی ذیل قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَی آدَمَ…)(1) حیث ذکر عدّة روایات عن الصادق ـ علیه السلام ـ فی هذا المجال. وهذا یدل على أنّ هذه النظریة کانت معروفة من مذهب الشیعة.

ولکن هذه الروایات رغم تضافرها لا تخلو من الإشکال، فإنّه یرد علیها:

أوّلاً: کیف یمکن أن یتزوّج أولاد آدم ـ علیه السلام ـ من الحوریات والجنیات والحال أنّهم من تراب وهنّ إمّا من نور أو من نار؟

إن قلت: بماذا تجیبون إذن على زواج المؤمنین فی الجنة من الحور العین والحال أنّ المعاد جسمانی؟ ما تجیبون به هناک نجیب به هنا.

قلنا: من الممکن أن یکون هناک معاشرة جنسیة بین الإنسان وغیره من الکائنات، ولکن من البعید جداً إن لم یکن مستحیلاً حصول ولدٍ نتیجة ذلک، وبحثنا هو فی تفسیر کیفیة التکاثر البشری.

وثانیاً: أنّ هذه الروایات متعارضة فیما بینها، فبعضها یقول بأنّ أولاد آدم ـ علیه السلام ـ قد تزوّجوا من حوریات، وبعضها یقول بأنّهم قد تزوّجوا من حوریات وجنیات.

وثالثاً: أنّ مضمون بعض هذه الروایات مخالف للوجدان، کما أشرنا إلیه سابقاً(2) فی  روایة ابن توبة عن زرارة عن الصادق علیه السلام.

محاکمة النظریتین الاُولى والثانیة

أمّا النظریة الاُولى فقد استدل لها بروایتین غیر معتبرتین سنداً، ولکنّهما صریحتان فی زواج الاُخوة من الأخوات، وأنّ ذلک کان قبل التحریم، وهما موافقتان لظاهر کتاب الله أیضاً.

بینما النظریة الثانیة روایاتها متضافرة وبعضها صحیح السند وموافقة للمشهور، وسیتبیّن عند بیان أقوال العامة أنّها مخالفة للعامة أیضاً، ولکنها مخالفة لظاهر کتاب الله. فما هو المرجح هنا، هل هو موافقة ظاهر کتاب الله، أو موافقة المشهور ومخالفة العامة؟

لا یبعد أن یقال بأنّ ذلک ممّا یرد علمه إلى أهله خصوصاً أنّ المسألة لیست من الأحکام العملیة المبتلى بها، ومن الممکن أن یختار أحد النظریة الثانیة ویقویها کما ذهب إلیه کثیرون لو لا مخالفتها لظاهر الکتاب.

فللتوقف إذن وجه وجیه، وهذا لا یعنی أنّ المسألة تبقى بلا جواب، فإذا سئلنا عن کیفیة حصول التکاثر البشری یمکننا أن نجیب بأنّ الروایات فی ذلک على طائفتین، ونذکر للسائل بعضاً منها.

أقوال العامة فی المسألة

لیس البحث فی هذه المسألة مقصوراً على الشیعة، بل هو مطروح بین العامة أیضاً، وقد تعرض له جماعة من مفسریهم ومؤرخیهم وفقهائهم ومحدثیهم. فالمفسرون تعرضوا له فی ذیل قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَی آدَمَ…)، حیث علّلوا تقدیم ابنی آدم للقربان ومن ثم قتل قابیل لأخیه هابیل بأنّه کان یحسده لأنّه تزوّج اُخته التوأم والتی هی أجمل من اُخت هابیل التوأم التی زوجه ـ أی لقابیل ـ بها أبوه آدم علیه السلام. ومن جملة هؤلاء المفسرین الزمخشری فی (الکشاف)(3).

والمؤرخون أیضا ذکروا نفس هذا السبب، منهم ابن الأثیر فی (الکامل فی التاریخ)(4)، والطبری أیضاً فی تاریخه(5)، والمسعودی فی (مروج الذهب)(6) وهناک بحث فی تشیع المسعودی. فابن الأثیر بعد أن ینقل قصة قابیل وهابیل یذکر بیاناً مفصلاً ویرجّح زواج أولاد آدم ـ علیه السلام ـ من أخواتهم، والطبری ینقل هذا المضمون عن عدة أفراد، وأمّا المسعودی فقد قال بأنّ آدم ـ علیه السلام ـ قد بذل أقصى جهده لکی لا یزوج بنیه من بناته ولکن بما أنّ ذلک کان ضروریاً ولم یکن هناک حل آخر قام بتزویج بنیه من أخواتهم غیر التوأم.

وکذلک تعرض بعض فقهاء العامة ومحدثیهم لهذا البحث، فقد ذکره السرخسی فی کتابه الفقهی (المبسوط) والبیهقی فی کتابه الروائی المعروف بـ (سنن البیهقی) کما أشار إلیه أیضاً ابن أبی الحدید المعتزلی فی (شرح نهج البلاغة).

والنکتة الملفتة للنظر فی کلّ هذه الکلمات هی أنّ أحادیث العامة لم تنسب إلى رسول الله صلّى الله علیه وآله، بل نسبت إما إلى الصحابة أو إلى المفسرین أو إلى المؤرخین، بخلاف روایاتنا حیث إنّها کلّها منسوبة إلى المعصومین علیهم السلام، وعلى هذا فیحتمل کون أساس هذه القضیة ـ أی زواج أولاد آدم ـ علیه السلام ـ من أخواتهم ـ مأخوذاً من العهدین التوراة والإنجیل.

إذن یتضح أنّ ما ذکره العلاّمة المجلسی ـ رحمه الله ـ من أنّ النظریة الاُولى هی النظریة المشهورة عند العامة صحیح.

أدلة النظریة الثالثة ومحاکمتها

وأمّا النظریة الثالثة وأنّ أولاد آدم ـ علیه السلام ـ قد تزوّجوا ممّن بقی من نسل الإنسان السابق على آدم علیه السلام، فیمکن أن یذکر علیها عدة قرائن.

الاُولى: ما هو مذکور فی بعض کتب التاریخ مثل کتاب (ناسخ التواریخ) من أنّه قبل آدمنا ـ علیه السلام ـ کان هناک إنسان یعیش على هذه الأرض، ویذکرون أسماء بعض سلاطین تلک الحقبة. ولعلّ جواب الملائکة لله سبحانه حینما أخبرهم بأنّه سوف یجعل آدم فی الأرض خلیفة: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیْهَا مَنْ یُفْسدُ فِیْهَا وَیُسْفِکُ الدِّمَاءَ)(7) یشیر إلى هذا المعنى، إذ من أین کان یعرف الملائکة أنّ هذا المخلوق سافک للدماء لو لم یکن هناک إنسان فی الأرض قبل آدم علیه السلام؟

الثانیة: أنّ العلم الحدیث یرجع حیاة الإنسان على الأرض إلى ملایین السنین والحال أنّ هبوط آدم ـ علیه السلام ـ إلى الأرض لا یتجاوز الآلاف من السنین.

الثالثة: الروایات المتعددة التی تصرح بوجود أکثر من آدم قبل آدمنا علیه السلام، من جملتها الروایات التی ینقلها المرحوم الصدوق فی کتاب (الخصال) وکتاب (التوحید)، ففی کتاب (الخصال) ینقل عن الباقر علیه السلام، أنّه قال: ((بلى والله، لقد خلق الله تبارک وتعالى ألف ألف عالم وألف ألف آدم، أنت فی آخر تلک العوالم واُولئک الآدمیین))(8).

وفی کتاب التوحید (9) ذکر نفس هذه الروایة أیضاً.

وینقل صاحب (تفسیر المنار) نفس هذه الروایة التی یذکرها الصدوق ـ رحمه الله ـ وروایة اُخرى عن الإمام الصادق ـ علیه السلام ـ یقول ـ علیه السلام ـ فیها: ((إنّ لله تعالى اثنی عشر ألف عالم کلّ عالم منهم أکبر من سبع سماوات وسبع أرضین ما یرى عالم منهم عالماً غیره))(10).

إذن بناء على هذا لم یکن آدم ـ علیه السلام ـ أوّل إنسان یعیش على هذه الأرض، بل کان هناک إنسان قبله، ولا یوجد عندنا دلیل على إنقراض ذاک الإنسان القدیم کلیّاً عند نزول آدم ـ علیه السلام ـ إلى الأرض، وعلیه فمن الممکن أن یکون أولاد آدم ـ علیه السلام ـ قد تزوّجوا من بعض من بقی من أفراد الإنسان القدیم.

طبعاً لا یوجد عندنا دلیل على ذلک، وهذه النظریة لیس فیها مشکلة امتناع تولد إنسان من زواج الإنسان بالحور أو الجان ولکنها مبتلاة بمشکلة اُخرى وهی منافاتها مع ظاهر القرآن الکریم.

إن قلت: إنّ القول بوجود إنسان قبل آدمنا ـ علیه السلام ـ لا ینسجم مع قول أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ: ((فلمّا مهد أرضه وأنفذ أمره اختار آدم خیرة من خلقه وجعله أوّل جبلته))(11).

قلنا: لکی یتّضح الجواب لابد من مراجعة معنى (الجبلة)، (الجبلة) مشتقة من الجبل، وتأتی بمعنى الاُمة والجماعة، کما تأتی بمعنى الطبیعة والفطرة، والمناسبة بین هذا المعنى والجبل هی أنّ الفطرة ثابتة مثل الجبل، ومن معانیها أیضاً الإنسان البارز الممیز. وعلى هذا المعنى الأخیر تنحل المشکلة، إذ علیه لا یکون هناک تنافٍ بین وجود أکثر من آدم على الأرض قبل آدمنا ـ علیه السلام ـ وبین قول الأمیر ـ علیه السلام ـ: ((وجعله أوّل جبلته))، بل بینهما کمال الانسجام کما لا یخفى، إذ یمکن أن یکون هناک إنسان قبل آدم ولکنه لم یکن ممیزاً ومختاراً مثل آدم علیه السلام.

هذا غایة ما یمکن أن یقال فی هذا الباب، ولا نصرّ على اختیار أی قول من الأقوال الثلاثة التی ذکرناها؛ لأنّ المسألة لیست تشریعیة فلا تحتاج إلى فتوى، فالنتیجة هی التوقف.

وصلّى الله على سیّدنا محمّد وآله الطاهرین.

__________________________

(1) المائدة: 27.

(2) راجع درس 174.

(3) الکشاف 1: 624.

(4) الکامل فی التاریخ 1: 541.

(5) تاریخ الطبری 1: 92.

(6) مروج الذهب 1: 31.

(7) البقرة: 30.

(8) الخصال: 652 / 54.

(9) التوحید: 277 / 2.

(10) تفسیر المنار 4: 325.

(11) الخطبة 91 من نهج البلاغة والمسمّاة بخطبة الأشباح.

Peinevesht:
  
    
TarikheEnteshar: « 1279/01/01 »
CommentList
*TextComment
*PaymentSecurityCode http://makarem.ir
CountBazdid : 1764